العلامة عن السلطان أبى اسحق مذ نهض إليه من قسنطينة صاحبها أبو زيد حافد السلطان أبى يحيى في عساكره ومعه العرب أولاد مهلهل الذين استنجدوه لذلك فخرج ابن تافراكين وسلطانه أبو اسحق مع العرب أولاد أبى الليل وبث العطاء في عسكره وعمر له المراتب والوظائف وتعلل عليه صاحب العلامة أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بالاستزادة من العطاء فعز له وأدالني منه فكتبت العلامة عن السلطان وهي الحمد لله والشكر لله بالقلم الغليظ ما بين البسملة ومن بعدها من مخاطبة أو مرسوم وخرجت معهم أول سنة ثلاث وخمسين وقد كنت منطويا على الرحلة من إفريقية لما أصابني من الاستيحاش لذهاب أشياخي وعضلاتي عن طلب العلم فلما رجع بنو مرين إلى مراكزهم بالمغرب وانحسر تيارهم عن إفريقية وأكثر من كان معهم من الفضلاء صحابة وأشياخ فاعتزمت على اللحاق بهم وصدني عن ذلك أخي وكبيري محمد رحمه الله فلما دعيت إلى هذه الوظيفة سارعت إلى الإجابة لتحصيل غرضي من اللحاق بالمغرب وكان كذلك فانا لما خرجنا من تونس نزلنا بلاد هوارة وزحفت العساكر بعضها إلى بعض بفحص مر ماجنة وانهزم صفنا ونجوت أنا إلى أبة فأقمت بها عند الشيخ عبد الرحمن الوسناني من كبراء المرابطين ثم تحولت إلى سبتة ونزلت بها على محمد بن عبدون صاحبها فأقمت عنده ليالي حتى هيأ لي الطريق مع رفيق من المغرب وسافرت إلى قفصة وأقمت بها أياما حتى قدم علينا بها الفقيه محمد ابن الرئيس منصور بن مزنى وأخوه يوسف يومئذ صاحب الزاب وكان هو بتونس فلما حاصرها الأمير أبو زيد خرج إليه فكان معه فلما بلغهم الخبر بأن السلطان أبا عنان ملك المغرب نهض إلى تلمسان فملكها وقتل سلطانها عثمان بن عبد الرحمن وأخاه أبا ثابت وأنه انتهى إلى المرية وملك بجاية من يد صاحبها الأمير أبى عبد الله من حفده السلطان أبى يحيى وراسله عند ما أطل على بلده فسار إليه ونزل له عنها وصار في جملته وولى أبو عنان على بجاية عمر بن علي شيخ بنى وطاس من بنى الوزير شيوخهم فلما بلغهم هذا الخبر أجفل الأمير عبد الرحمن من مكانه عن حصار تونس ومر بقفصة فدخل الينا محمد بن مزنى ذاهبا إلى الزاب فرافقته إلى بسكرة ودخلت إلى أخيه هنالك ونزل هو بعض قرى الزاب تحت جراية أخيه إلى أن انصرم الشتاء وكان أبو عنان لما ملك بجاية ولى عليها عمر ابن علي ابن الوزير من شيوخ بنى طاوس فجاء فارح مولى الأمير أبى عبد الله لنقل حرمه وولده فداخل بعض السفهاء من صنهاجة في قتل عمر بن علي فقتله في مجلسه ووثب هو على البلد وأرسل إلى الأمير أبى زيد يستدعيه من قسنطينة فتمشت رجالات البلد بينهم خشية من سطوة السلطان ثم ثاروا بفارح فقتلوه وأعادوا دعوة السلطان كما كانت وبعثوا عن عامل السلطان بتدلس يحيا تن بن عمر بن
(٣٩٩)