الكيمياء طالبا لمن غلط في ذلك وأمثاله فلم يزل يعاني من ذلك ما يورطه مع الناس في دينه وعرضه إلى أن دعته الضرورة للترحل عن مصر ولحق ببغداد وناله مثل ذلك فلحق بماردين واستقر عند صاحبها فأحسن جواره ألى أن بلغنا بعد التسعين أنه هلك هنالك حتف أنفه والبقاء لله (ومنهم شيخ التعاليم) أبو عبد الله محمد بن النجار من أهل تلمسان أخذ العلم ببلده عن مشيختها وعن شيخنا الأيلي وبرز عليه ثم ارتحل إلى المغرب فلقى بسبتة امام التعاليم أبا عبد الله محمد بن هلال شارح المجسطي في الهيئة وأخذ بمراكش عن الامام أبى العباس ابن البناء وكان اماما في علم النجامة وأحكامها وما يتعلق بها ورجع إلى تلمسان بعلم كثير واستخلصته الدولة فلما هلك أبو تاشفين وملك السلطان أبو الحسن نظمه في جملته وأجرى له رزقه فحضر معه بإفريقية وهلك في الطاعون (ومنهم) أبو العباس أحمد بن شعيب من أهل فاس برع في الأدب واللسان والعلوم العقلية من الفلسفة والتعاليم والطب وغيرها ونظمه السلطان أبو سعيد في جملة الكتاب وأجرى عليه رزق الأطباء لتقدمه فيه فكان كاتبه وطبيبه وكذا مع السلطان أبى الحسن بعده فحضر بإفريقية وهلك بها في ذلك الطاعون وكان له شعر سابق به الفحول من المتقدمين والمتأخرين وكانت له امامة في نقد الشعر وبصر به وما حضرني الآن من شعره الا قوله دار الهوى نجد وساكنها * بدر أمان النفس من نجد هل باكر الوسمي ساحتها * واستن في قيعانها الجرد أو بات معتل النسيم بها * مستشفيا بالبان الرند يتلو أحاديث الذين هم * قصدي وان جاروا عن القصد أيام سمر ظلالها وطني * منها وزرق مياهها وردى ومطارح النظرات في رشا * أحوى المدامع أهيف القد يرنو إليك بعين جارية * قتل المحب بها على عمد حتى أجد بهم على عجل * ريب الخطوب وعاثر الجد فقدوا فما وأبيك بعدهم * عيشي شفى الأعلى الفقد وغدوا دفينا قد تضمنه * بطن الثرى وقرارة اللحد ومشردا من دون رؤيته * قذف النوى وتنوفة البعد أجرى على العيش بعدهم * أبى جرعت حميمهم وحدي لا تلحني يا صاح في شجن * أخفيت منه فوق ما أبدى بالقرب لي سكن يؤوبني * من ذكره سهد على سهد فرخان قد تركا بمضيعة * رزئت عن الرفداء والرفد
(٣٩٥)