الكتاب على شيخنا الأيلي وقرأ عليه كثيرا من كتاب الشفاء لابن سينا ومن تلاخيص كتب أرسطو؟؟ ومن الحساب والهندسة والفرائض علاوة على ما كان يحمله من الفقه والعربية وسائر علوم الشريعة وكانت له في كتب الخلافيات يد طولى وقدم عالية فعرف له ابن عبد السلام ذلك كله وأوجب حقه وانقلب إلى تلمسان وانتصب لتدريس العلم وبثه فملا المغرب معارف وتلميذا إلى أن أضطرب المغرب بعد واقعة القيروان ثم هلك السلطان أبو الحسن وزحف أبو عنان إلى تلمسان فملكها سنة ثلاث وخمسين فاستخلص الشريف أبا عبد الله واختاره لمجلسه العلى مع من اختاره من المشيخة وزحف به إلى فاس فتبرم الشريف من الاغتراب وردد الشكوى وعرف السلطان ذلك وارتاب به ثم بلغه أثناء ذلك أن عثمان بن عبد الرحمن سلطان تلمسان أوصاه على ولده وأودع له مالا عند بعض الأعيان من أهل تلمسان وان الشريف مطلع على ذلك فانتزع الوديعة وسخط الشريف بذلك ونكبه وأقام في اعتقاله أشهرا ثم أطلقه أول ست وخمسين وأقصاه ثم أعتبه بعد فتح قسنطينة وأعاده إلى مجلسه إلى أن هلك السلطان آخر تسع وخمسين وملك أبو حمو بن يوسف بن عبد الرحمن تلمسان من يد بنى مرين واستدعى الشريف من فاس فسرحه القائم بالأمر يومئذ الوزير عمر بن عبد الله فانطلق إلى تلمسان وأطلقه أبو حمو براحتيه وأصهر له في ابنته فزوجها إياه وبنى له مدرسة جعل في بعض جوانبها مدفن أبيه وعمه وأقام الشريف يدرس العلم إلى أن هلك سنة احدى وسبعين وأخبرني رحمه الله أن مولده سنة عشر * (ومنهم صاحبنا) * الكاتب القاضي أبو القاسم محمد بن يحيى البرجي من برجة الأندلس كان كاتب السلطان أبى عنان وصاحب الانشاء والسر في دولته وكان مختصا به وأثيرا لديه وأصله من برجة الأندلس نشأ بها واجتهد في العلم والتحصيل وقرأ وسمع وتفقه على مشيخة الأندلس واستبحر في الأدب وبرز في النظم والنثر وكان لا يجارى في كرم الطباع وحسن المعاشرة ولين الجانب وبذل البشر والمعروف وارتحل إلى بجاية في عشر الأربعين وسبعمائة وبها الأمير أبو زكريا ابن السلطان أبى يحيى منفردا بملكها على حين أقفر من رسم الكتابة والبلاغة فبادرت أهل الدولة إلى اصطفائه وايثاره بخطه الانشاء والكتاب عن السلطان إلى أن هلك الأمير أبو زكريا ونصب ابنه محمد مكانه فكتب عنه على رسمه ثم هلك السلطان أبو يحيى وزحف السلطان أبو الحسن إلى إفريقية واستولى على بجاية ونقل الأمير محمدا بأهله وحاشيته إلى تلمسان كما تقدم في أخباره فنزل أبو القاسم البرجي تلمسان وأقام بها واتصل خبره بأبي عنان ابن السلطان أبى الحسن وهو يومئذ أميرها ولقيه فوقع من قلبه بمكان إلى أن كانت واقعة القيروان وخلع أبو عنان واستبد
(٤٠٢)