بقوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) (1) إذ المراد ليس نفي الحقيقة، للزوم المحال، فالمراد الجهر العالي والاخفات الذي يكون بحيث لا تسمع الأذن كما يظهر من الأخبار (2)، وهذا القدر مشترك بين الجهر والاخفات، ويثبت حكمهما في الصلوات كلها للاطلاق.
وقد يؤيد أيضا بصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام: عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته، قال: " لا صلاة له، إلا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات " (3).
والجواب عن الأولى: أنها محمولة على التقية، لموافقتها لمذهب العامة، كما ذكره الشيخ رحمه الله (4).
وأما ما يقال من أنه تحكم منه، لوجود القائل به من أصحابنا، فليس بشئ، لأنه لا يلزم في الحمل على التقية أن يكون الحكم إجماعيا عند الأصحاب حتى يحمل خلافه على التقية.
وما حمله - رحمه الله - حمل واضح، سيما مع ملاحظة أن خبر القول الثاني عن الكاظم عليه السلام، والأولة (5) عن الباقر عليه السلام، وهو أبعد من التقية كما هو معلوم من حالهما.
أما الآية فغاية الأمر أنه يثبت وجوب ابتغاء الأواسط، فيكون اختيار أفراد الأواسط وجوبا تخييريا، ودلالتها على ذلك بالنسبة إلى الصلوات (6) كلها