الأخبار الدالة على الامتداد إلى آخر الوقت الثاني إنما هو ما ذكرناه ثانيا وهو وجه وجيه لا يداخله الشك ولا يعتريه، وحينئذ فلا يحتاج إلى ما تكلفه أخيرا من التطبيق والتشديد بناء على ما ذكره من الاحتمال الأول فإنه كما عرفت بعيد وغير سديد.
ومن الأخبار الدالة على ما اخترناه أيضا جملة من الأخبار الصحاح الدالة على أن وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ووقت العصر إلى أن يذهب قامتين (1) والأصحاب وإن حملوها على أوقات الفضيلة جمعا بينها وبين ما دل على أن لكل صلاة وقتين (2) والأخبار الدالة على امتداد الوقتين إلى الغروب (3) فليس بأولى من حملنا لها على المختار وحمل ما عارضها على ذوي الأعذار والاضطرار، بل ما ذكرناه هو الأولى لتأيده بما عرفت من الأخبار ولا سيما روايات وضع الأوقات وروايات دخول أصحاب الوقت الثاني تحت المشيئة (4).
وأما ما أجاب به جملة من أصحابنا: منهم - شيخنا الشهيد في الذكرى عما رواه الصدوق من قوله (عليه السلام) " أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله " - من جواز توجيه العفو بترك الأولى مثل " عفى الله عنك " (5) وزاد الفاضل الخراساني أنه يمكن الجواب أيضا بأنه يجوز أن يكون المراد الصلاة في آخر الوقت توجب غفران الذنوب والعفو عنها - ففيه (أولا) أن تتمة الخبر تنادي بأن العفو لا يكون إلا عن ذنب وهو صريح في كون التأخير موجبا للتأثيم فكيف يحمل العفو على ترك الأولى؟ وقياس الخبر على الآية قياس مع الفارق لظهور قرينة المجاز في الآية من حيث عصمته (صلى الله عليه وآله) وصراحة الخبر فيما ذكرناه باعتبار تتمته، وأبعد من ذلك الاحتمال الثاني فإنه مما لا ينبغي أن يصغى إليه ولا يعرج في مقام التحقيق عليه. و (ثانيا) - الأخبار التي قدمناها الدالة على أن من لم يحافظ على ذلك