حفظتني حفظك الله وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول ضيعتني ضيعك الله ".
والتقريب في هذه الأخبار أن المراد بهذه المواقيت المأمور بالمحافظة عليها هي الأوقات الأوائل وهي أوقات الفضائل بلا ريب ولا اشكال وفي التي تتصف فيها الصلاة بمزيد الشرف والكمال والقبول من حضرة ذي الجلال، وأن الأوقات الأخيرة متى لم يكن التأخير إليها ناشئا عن عذر من تلك الأعذار المذكورة جملة منها في الأخبار فصاحبها مستوجب لمزيد البعد منه سبحانه كما دلت عليه هذه الأخبار وأنه داخل تحت المشيئة بمعنى أنه ليس ممن يستحق بعمله ذلك الجزاء بالثواب وما أعده الله تعالى على تلك العبادة من الأجر الذي لا تحيط به الألباب بل هو من المرجئين لأمر الله إن شاء عذبه بتقصيره وتأخيره الصلاة عن ذلك الوقت الأول وإن شاء عفى عن تقصيره بكرمه ورحمته، وهذا ما تضمنه حديث الفقيه المتقدم من أن " آخر الوقت عفو الله والعفو لا يكون إلا عن ذنب " ولا جائز أن يحمل هذا الوقت الأخير الذي جعل صاحبه تحت المشيئة على خارج الوقت الذي هو المشهور عندهم وهو ما بعد غروب الشمس بالنسبة إلى الظهرين مثلا.
كما ربما يتوهمه بعض معكوسي الأذهان ومن ليس من فرسان هذا الميدان، فإنه لو كان كذلك لم يحكم على صاحبه بأنه تحت المشيئة بل يجب الحكم عليه بالفسق بل الكفر كما دلت عليه الأخبار المتقدمة (1) من أن " تارك الصلاة عمدا كافر " فهو مستحق لمزيد النكال والعذاب كما لا يخفى على ذوي الألباب.
ومما يزيد ذلك تأييدا ويعليه تشييدا الأخبار الواردة في وضع الأوقات وإشارة جبرئيل بها على النبي (صلى الله عليه وآله) فإنها إنما تضمنت أوائل الأوقات خاصة دون أواخرها، ففي موثقة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) " أنه أتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ثم