التفصيل. انتهى. وهو جيد إذ لم نقف في شئ من الأخبار المستدل بها على القول الأول كما سيأتيك إن شاء الله تعالى على التفصيل بين القريب والبعيد بالعين والجهة كما ذكروا، بل ظاهر الآية هو استقبال شطر المسجد الحرام يعني جهته مطلقا. وهذا أحد الوجوه التي يمكن تطرق الضعف بها إلى القول الأول.
واستدل في المدارك للقول الأول بالنسبة إلى البعيد بما رواه زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) أنه قال: " لا صلاة إلا إلى القبلة. قلت له أين حد القبلة؟ قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ".
أقول: ويقرب من هذه الرواية ما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) (2) " في الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا؟ قال قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة " أقول: لا يخفى ما في الاستدلال بهاتين الروايتين من الاشكال فإن القول باتساع الجهة بهذا المقدار مما لم يذهب إليه أحد في ما أعلم. نعم صرحوا بذلك بالنسبة إلى من أخطأ ظنه في القبلة أو جهل القبلة فظهرت صلاته بعد الفراغ في ما بين المشرق والمغرب فإنه لا إعادة عليه.
واستدل في الذخيرة لذلك أيضا بالأخبار المتقدمة في صدر المبحث كخبر علي ابن إبراهيم وما ذكره في الفقيه وصحيحة الحلبي أو حسنته ونحوها مما دل على أنه (صلى الله عليه وآله) صلى إلى الكعبة وليس المراد العين البتة فيحمل على جهتها كما هو المدعى وفيه أن الآية التي أو ردوها دليلا على الحكم المذكور في أكثر هذه الأخبار إنما تضمنت الأمر بالصلاة شطر المسجد الحرام أي جهته وناحيته ووجه الجمع يقتضي حمل الكعبة على جهة المسجد الحرام تجوزا لأن الآية إنما دلت على جهة المسجد لا جهة الكعبة وأحدهما غير الآخر، وحينئذ فلا دلالة في الأخبار المذكورة على ما ادعوه.