استقباله فذهب المرتضى وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس والمحقق في المعتبر والنافع والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنه عين الكعبة لمن تمكن من العلم بها من غير مشقة شديدة عادة كالمصلي في بيوت مكة وجهتها لغيره من البعيد ونحوه، واختاره في المدارك.
وذهب الشيخان وجمع من الأصحاب: منهم - سلار وابن البراج وابن حمزة والمحقق في الشرائع إلى أن الكعبة قبلة لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لأهل الدنيا ممن بعد، ورواه الصدوق في الفقيه (1) ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب، ونسبه في المختلف إلى ابن زهرة أيضا ولعله في غير كتابه الغنية فإن بعض الأصحاب نقل عنه في الكتاب المذكور أنه قال: القبلة هي الكعبة فمن كان مشاهدا لها وجب عليه التوجه إليها ومن شاهد المسجد الحرام ولم يشاهد الكعبة وجب عليه التوجه إليه ومن لم يشاهده توجه نحوه بلا خلاف. انتهى. وهذه العبارة كما ترى عارية عن ذكر الحرم وأنه قبلة لمن نأى عنه كما صرح به أصحاب القول الثاني.
قيل: والظاهر أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب التوجه إلى الكعبة للمشاهد ومن هو بحكمه وإن كان خارج المسجد فقد صرح به من أصحاب القول الثاني الشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة وابن زهرة في الغنية ونقل المحقق الاجماع عليه لكن ظاهر كلام الشيخ في النهاية والخلاف يخالف ذلك.
أقول: غاية ما يمكن القطع به هنا في اجتماع القولين بالنسبة إلى المشاهد خاصة وإلا فمن بحكمه كالمصلي في بيوت مكة وفي الحرم مع عدم المشاهدة فإن ظاهر أصحاب القول الأول أن القبلة في حقه هي الكعبة وظاهر أصحاب القول الثاني إنما هو المسجد.
واستدل في المعتبر على وجوب استقبال العين للقريب باجماع العلماء كافة على ذلك. وقال في المدارك بعد نقل ذلك: فإن تم فهو الحجة وإلا أمكن المناقشة في ذلك إذ الآية الشريفة إنما تدل على استقبال شطر المسجد الحرام والروايات خالية من هذا