على الظن، قال في المدارك بعد ذكر الحكم المذكور: وهو مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا. واستدل عليه في المنتهى بأن العلم يؤمن معه الخطأ والظن لا يؤمن معه ذلك وترك ما يؤمن معه الخطأ قبيح عقلا. واعترضه في المدارك بأنه ضعيف جدا قال والعقل لا يقضي بقبح التعويل على الظن هنا بل لا يأباه لو قام عليه الدليل. والأجود الاستدلال عليه بانتفاء ما يدل على ثبوت التكليف مع الظن للتمكن من العلم، ويؤيده عموم النهي عن اتباع الظن. انتهى.
أقول: لا يخفى أن الأحكام الشرعية كما قدمناه في غير موضع توقيفية لا مسرح للعقل فيها بوجه وإنما هي منوطة بالنصوص والأدلة الواردة عن صاحب الشريعة وجودا وعدما وصحة وبطلانا، ولكنهم (رضوان الله عليهم) حيث اشتهر بينهم ترجيح الأدلة العقلية على السمعية فتراهم في كل حكم يقدمون دليلا عقليا بزعمهم ثم يردفونه بالأدلة السمعية وإن كانت أدلتهم فيها ما هو أوهن من بيت العنكبوت وإنه لأوهن البيوت. والتحقيق هو الرجوع إلى الأخبار الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) في هذا المقام وغيره.
ثم إن ما يظهر من كلام صاحب المدارك من عدم العلم بالمخالف المؤذن بدعوى الاجماع على المسألة المذكورة محل نظر فإن ظاهر الشيخين في المقنعة والنهاية يشعر بالخلاف، قال في المقنعة: من ظن أن الوقت قد دخل فصلى ثم علم بعد ذلك أنه صلى قبله أعاد الصلاة إلا أن يكون الوقت دخل وهو في الصلاة لم يفرغ منها فيجزئه ذلك. وقال في النهاية ولا يجوز لأحد أن يدخل في الصلاة إلا بعد حصول العلم بدخول الوقت أو يغلب على ظنه ذلك. وهو ظاهر المبسوط أيضا، والحمل على أن المراد بالظن في مقام عدم إمكان العلم وإن أمكن إلا أنه خلاف الظاهر من العبارتين المذكورتين. وبما ذكرنا من ظهور العبارتين المذكورتين في المخالفة للقول المشهور صرح الفاضل الخراساني أيضا في الذخيرة ويمكن الاستدلال على قول الشيخين بظاهر رواية إسماعيل بن رياح عن