القرآن ثم يستيقظ من الليل فلا يقوم حتى إذا كان عند الصبح قام يبادر بصلاته ".
بيان: الظاهر أن مقت الأول لما يفهم من كلامه من أنه بزيادته في الصلاة على ما كان يأتي به (صلى الله عليه وآله) كأنه يريد أن يفوقه ويعلو عليه بالزيادة وهو إن لم يكن كفرا فهو جهل محض لأن العبرة ليس بكثرة الصلاة بل بالاقبال عليها الذي هو روح العبادة والاتيان بها على أكمل وجوهها، ومن ذا الذي يروم بلوغه في المقام الأول؟
وكذا في المقام الثاني حتى أنه روى (1) " أنه كان يقوم في الصلاة على أطارف أصابعه حتى تورمت قدماه اجهادا لنفسه في العبادة حتى عاتبه الله تعالى على ذلك رأفة به فقال: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " (2) " وكان يقسم الليل انصافا فيقوم في صلاة الليل بطوال السور وكان إذا ركع يقال لا يدري متى يرفع وإذا سجد يقال لا يدري متى يرفع " (3) ونحو ذلك. والظاهر أن مقت الثاني لمزيد الكسل عن صلاة الليل إذا كان ممن يقرأ القرآن ويحفظ سورة وتلاوتها ينتبه في وقت صلاة الليل فلا يقوم إليها حتى إذا فجأه الصبح قام مبادرا بها يصليها بعجل وقلة توجه واقبال أو يزاحم بها الفريضة في وقتها.
وروى في الكافي والتهذيب في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (4) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شئ؟ قال لا غير أني أصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل " بيان: الظاهر أن الاستفهام عن توظيف شئ من النوافل قبل أو بعد مثل سائر النوافل الموظفة فأجاب ب " لا " وذلك لأن العلة كما سيأتي بيانه في المقام إن شاء الله تعالى إن هاتين الركعتين إنما زيدتا على الموظف في اليوم والليلة لإحدى جهتين يأتي ذكرهما إن شاء الله، وفي قوله: " ولست أحسبهما من صلاة الليل " رد على ما ذهب إليه العامة من جواز تقديم الوتر الموظف آخر الليل في أوله