الاحرام، وعن الشافعي قدر ركعة لأنه القدر الذي روى عن عبد الرحمان وابن عباس (1) ثم استدل في المعتبر على بطلان ما ذهبوا إليه وأطال، إلى أن قال: وما ذكره الجمهور من قصة عبد الرحمان وابن عباس لا حجة فيه لجواز أن يكون ما قالاه اجتهادا، على أنا نحمل ذلك على الاستحباب وقد روي في أخبار أهل البيت (عليهم السلام) ما يماثله، ثم نقل رواية أبي الصباح ورواية عبيد بن زرارة (2) ورواية عمر بن حنظلة. وظاهره كما ترى حمل هذه الروايات على الاستحباب تفصيا من الاشكال الوارد في المقام وهو التكليف بعبادة في وقت لا يسعها كما ذهب إليه العامة، هذا كلامه في مبحث الحيض، وفي مبحث الأوقات استند إليها في الدلالة على امتداد وقت المضطر إلى قبل الفجر واتخذه مذهبا مع مخالفة رواياته - كما عرفت - لجملة روايات الأوقات الواردة في الباب ومضادتها لآيات الكتاب وموافقتها للعامة كما كشفنا عنه نقاب الإبهام والارتياب. وبالجملة فإن كلامه في مبحث الحيض مخالف لكلامه في مبحث الأوقات، وظهور التقية في الأخبار المذكورة ومخالفة ظاهر الكتاب مما لا مجال لإنكاره فلا وجه للاعتماد عليها. والعجب كل العجب منهم (قدس الله أرواحهم ونور أشباحهم) أنه مع استفاضة الأخبار بهاتين القاعدتين كيف ألغوهما في جميع أبواب الفقه وعكفوا في مقابلتهما على قواعد لم يرد بها سنة ولا كتاب؟
ولا سيما ما تكرر في كلامهم من الجمع بين الأخبار بالحمل على الكراهة والاستحباب، ولم أر من تنبه إلى بعض ما ذكرناه في هذا المقام سوى شيخنا الشهيد الثاني في كتاب روض الجنان حيث قال بعد نقل الخلاف في المسألة: وللأصحاب أن يحملوا الروايات الدالة على الامتداد إلى الفجر على التقية لاطباق الفقهاء الأربعة عليه وإن اختلفوا في كونه آخر وقت الاختيار أو الاضطرار (3) وهو محمل حسن في الخبرين المتعارضين إذا أمكن حمل أحدهما عليها كما ورد به النص عنهم (عليهم السلام) (4).