الكلام في هذه المسألة في المقام الأول من المطلب الثالث، وحينئذ فمتى أحدث زالت الاستباحة وعاد حكم الحدث الأول فيجب بدلا من الغسل وجد ماء للوضوء أو لم يجد، ويدل على بقاء الجنابة وعدم ارتفاعها إلا بالغسل قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة (1) " ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنبا والوضوء إن لم تكن جنبا " استدل في المختلف لهذا القول بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) (2) " في رجل أجنب في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به؟ قال يتيمم ولا يتوضأ " وفيه ما أوضحناه في الفرع العاشر من الفروع المذكورة في المطلب الأول (3) وعن المرتضى في شرح الرسالة أن الجنب إذا تيمم ثم أحدث حدثا أصغر فوجد ما يكفيه للوضوء توضأ به فإن حدثه الأول قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفي لها فيجب عليه استعماله ولا يجزئه تيممه. انتهى. ومقتضاه أنه لو لم يجد الماء تيمم بدلا من الصغرى خاصة. ورد هذا القول بناء على المشهور بدعوى الاجماع - كما أشرنا إليه آنفا - على عدم رفع التيمم الحدث، فقوله إن الحدث الأول قد ارتفع باطل. واعتذر عنه في الذكرى بأنه يمكن أن يريد بارتفاع حدثه استباحة الصلاة وأن الجنابة لم تبق مانعة فلا ينسب إلى مخالفة الاجماع. واعترضه في الروض بعد تضعيفه لمذهب المرتضى بمخالفته الاجماع بأن هذه الإرادة لا تدفع الضعف لأن الاستباحة إذا لم تستلزم الرفع فبطلانها بالحدث يوجب تعلق حكم الحدث الأول. وهو جيد فإن مقتضى كلام المرتضى أن حكم هذا الحدث في هذا الموضع حكمه بعد الطهارة المائية في كونه موجبا للصغرى لا أنه موجب لعود الحدث الأول كما يقولون به، وهذا لا يتم إلا على تقدير كون التيمم قد رفع الحدث الأول وأزاله لا على أنه إنما حصلت به الاستباحة وإن كان
(٤١٦)