فالجمع بين الأخبار الدالة على وجوب استعمال الماء وعدم مشروعية التيمم وبين هذه الأخبار بحمل أخبار التيمم على ما إذا زاد زمان الغسل عن زمانه أو أوجب التلوث بالنجاسة. وأما الثالث فهو تخصيص أخبار التيمم بعدم وجود الماء.
ويمكن ترجيح القول الثاني بما أشرنا إليه في غير موضع وصرح به غير واحد من محققي الأصحاب من أن الأحكام المودعة في الأخبار إنما تبنى على الأفراد الشائعة المتكررة الوقوع دون الفروض النادرة التي ربما لا توجد، وحيث كان وجود الماء في المسجدين على الوجه المذكور بالشروط المذكورة من الفروض النادرة التي ربما لا تتفق بالكلية وإنما هو فرض عقلي واحتمال فرضي خرجت الأخبار بالتيمم بناء على ما هو المتعارف المعتاد، وحينئذ فلا مانع من العمل بتلك الأخبار المستفيضة في صورة وجود الماء وامكان استعماله بالشروط المذكورة.
قال السيد (قدس سره) في المدارك بعد ذكر صحيحة أبي حمزة المذكورة:
" واطلاق الخبر يقتضي وجوب التيمم مطلقا وإن أمكن الغسل في المسجد وساوى زمانه زمان التيمم أو نقص عنه، وبه قطر المحقق الشيخ على في حاشية الكتاب، ورجح جماعة: منهم. جدي (قدس سره) في جملة من كتبه وجوب الغسل مع مساواة زمانه لزمان التيمم أو نقصه عنه وعدم استلزامه تنجيس شئ من المسجد وآلاته، واستدل عليه في الروض بأن فيه جمعا بين ما دل على الأمر بالتيمم مطلقا وهي صحيحة أبي حمزة السابقة وبين ما دل على اشتراط عدم الماء في جواز التيمم، قال وإنما قيدنا جواز الغسل في المسجد مع إمكانه بمساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه مع أن الدليل يقتضي تقديمه مطلقا مع إمكانه لعدم القائل بتقديمه مطلقا وإلا لكان القول به متوجها. وفيه نظر فإنا لم نقف على ما يقتضي اشتراط عدم الماء في جواز التيمم لغير الصلاة، وأيضا قد ثبت بالنصوص الصحيحة تحريم الكون للجنب في المساجد مطلقا وغاية ما علم استثناؤه من ذلك حالة التيمم بالنص السابق فيبقى غيره مندرجا تحت العموم، والأظهر الاقتصار