حالا منا، فكيف نحتقر من نحن أسوأ حالا منه؟ وإيضاح ذلك أن السبب الموجب لوقوعنا في احتقاره إنما هو حسن الظن بأنفسنا وسوء الظن بغيرنا والواجب العكس، كما قالوا من حكمة العارف بالله أن يوسع على الناس ويضيق على نفسه ويرى أن الله تعالى سامح الخلق ويؤاخذه هو.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ يلحقه بمقام العارفين وإلا فمن لازمه أن يرى نفسه ناجيا وغيره هالكا.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى مسلم وغيره مرفوعا: " " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا، التقوى ههنا، التقوى ههنا ثلاث مرات ويشير إلى صدره، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه، وعرضه وماله " ".
وتقدم حديث مسلم والترمذي وغيرهما مرفوعا:
" " الكبر بطر الحق وغمط الناس " " ومعنى غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
وروى الإمام مالك ومسلم وغيرهما: " " إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم " " قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع. قال أبو داود: لا أدري مراد أبي إسحاق معنى بنصب الكاف من " أهلكهم " ورفعها. وفسره مالك بما إذا قال ذلك معجبا بنفسه مزدريا لغيره فهو أشد هلاكا منهم لأنه لا يدري سر أمر الله في خلقه.
وروى مسلم مرفوعا: " " قال رجل والله لا يغفر لفلان. فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك " ".
وروى البيهقي مرسلا: " " إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب إلى الجنة فيقال لهم هلم فيجئ بكربه وغمه فإذا جاءه أغلق دونه فلا يزال كذلك حتى إن أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة فيقال له هلم فلا يأتيه من الإياس " ".