الأشرار هدية كالظلمة وأهل البدع فضلا عن الكفار، لأن المرء مع من أحب ولا نحب أن نحشر مع ظالم أو مبتدع ولا كافر، فإن من قبل هدية هؤلاء مال بقلبه إليهم ضرورة إلا أن تحفه العناية بالسلوك على يد شيخ ناصح يسلك به حضرات التوحيد، حتى يصير يشهد الملك لله عز وجل وحده، ويتحقق بذلك ذوقا، ثم أنه إذا تنزل لنسب الشرائع بكسر النون أضاف الأمور إلى خلق من غير وقوف معهم، وما لم يسلك العبد على يد شيخ لا يشهد الملك ببادي الرأي إلا للخلق ولا المنة في ذلك إلا لهم دون الله تعالى ولا يكاد يشهد المنة لله تعالى إلا بعد تأمل وتفكر على أن التحقيق في ذلك أنه لا ينبغي لمسلم أن يقبل هدية من أحد من الأشرار إلا لعذر شرعي مطلقا، ولو كان ذلك القابل من أكابر الأولياء، لأن الجزء الذي يشهد الملك للخلق ويرى المنة لهم ببادئ الرأي يدق مع السالك في المراتب ولا يزول بالكلية، وهذا أمر لا يذوقه كل سالك إنما هو لأفراد منهم هذا حكم جميع الأمة، وما خرج عن ذلك سوى الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام لعصمتهم.
* (والله غفور رحيم) *.
روى الإمام أحمد والطبراني مرفوعا: " " لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يبغض لله ويحب لله، فإذا أحب لله وأبغض لله استحق الولاية لله " ".
وروى الشيخان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل قال له إني أحب الله ورسوله قال أنت مع من أحببت، قال أنس وما فرحنا بشئ فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم إنه مع من أحب فإنا نحب النبي صلى الله عليه وسلم ونحب أبا بكر وعمر، ونرجو أن نكون معهم بحبنا إياهم:
وفي رواية للشيخين مرفوعا: " " المرء مع من أحب " ".
وروى ابن حبان في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" " لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي " ".
وروى الطبراني بإسناد جيد مرفوعا: " " لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم " ".
والله تعالى أعلم.