مشهدنا بحمدنا الله في سائر أطوار الخلق على اختلاف مراتبهم، وما زاد على التراب فإنما هو خلع يخلعها الحق تعالى على عباده عارية مردودة، وهنا أسرار يذوقها أهل الله تعالى لا تسطر في كتاب.
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ عارف يسد مجاري الشيطان من البدن حتى يسد عن العبد جميع مجاريه من بدنه، وهناك لا يبقى على القلب الذي هو أمير البدن داعية إلى النظر إلى شئ من الدنيا إلا إن أمره الشارع بالنظر إليه، وهناك يصح للعبد العمل بهذا العهد وإلا فلا يشم من العمل به رائحة، وقد اختصرت لك الطريق.
روى الترمذي وأحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه:
" " يا علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليس لك الأخرى " ".
وقوله " " ذو قرنيها " " أي ذو قرني هذه الأمة، وذلك لأنه كان له شجتان في قرني رأسه إحداهما من ابن ملجم لعنه الله والأخرى من عمرو بن ود، وقيل غير ذلك.
وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه " ".
زاد في رواية لمسلم وغيره: " " والفم يزني وزناه القبل " ".
وروى مسلم وغيره عن جرير قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: " " أصرف بصرك " ".
وروى البيهقي وغيره: " " الإثم حوار القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع " ".
ومعنى حوار بفتح الحاء وتشديد الواو: أي غالب على القلب حتى يركب صاحبه ما لا يليق.