وقد كان سيدي علي الخواص رحمه الله يقول: لي مع ابنة عمى سبع وخمسون سنة ما أظن أننا بتنا ليلة واحدة صلحاء إلى يومنا هذا.
وحكى عن الشيخ جلال الدين شارح المنهاج أنه كان له فتى قوي الرأس كثير اللعب فكان الشيخ يذهب إلى الفرن يخبز ويمر عليه وهو يلعب فيقف عليه وهو حامل طبق الخبز ويقول: ويلك قم تعال كل من هذا الخبز الساخن فلا يقوم فيذهب الشيخ إلى البيت ويرجع له ثاني مرة يطلبه للغذاء رضى الله تعالى عنه، وكذلك من أعظم حسن الخلق أن تغفر وتسامح لمن آذاك من الناس عملا بقوله تعالى * (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) *.
وكذلك من أعظم حسن الخلق أن يكون الإنسان نفاعا للناس ومع ذلك يذمونه وينقصونه فلا يمنعه ذلك من النفع لهم، وذلك كنقيب الفقراء وناظر وقفهم فإن من لازمهم غالبا ذم الفقراء لهما وحملهما على محامل سيئة، وإن جميع ما يصل إليهم إنما هو فضلة النقيب والناظر.
وقد كان الشيخ بدر الدين بن دنيا شيخ نقباء سيدي الشيخ أبى السعود بن أبي العشائر يعمل الطعام الفاخر من عنده للفقراء والزوار، ويقول شخص خرج لكم عن هذا الطعام ويوهمهم أن ذلك من غيره ثم يسمعهم يقعون في عرضه ويقولون هذا لا يأتينا إلا بما فضل عنه ومع ذلك فلا يصده ذلك عن الإحسان إليهم، بل يفرح ويقول: العبد لا يعامل إلا الله وأما الخلق فمفاليس ليس معهم شئ يأخذه منهم يوم القيامة، وقد حكيت ذلك لسيدي علي الخواص فقال هذا من أعظم أخلاق الرجال فاعلم ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك.
روى مسلم والترمذي: " " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك: أي تردد وكرهت أن يطلع عليه الناس " ".
وروى الشيخان والترمذي: " " عن عبد الله بن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: من خياركم أحسنكم أخلاقا " ".