عند كل وضوء. وعند كل صلاة، وإن كان يقع منا كثيرا ربطناه في خيط في عنقنا أو عمامتنا إن كانت على عرقية من غير قلنسوة، فإن كانت على قلنسوة وشددنا عليها العمامة رشقناه في العمامة من جهة الأذن اليسرى، وهذا العهد قد أخل به غالب العوام من التجار والولاة وحاشيتهم فتصير روائح أفواههم منتنة قذرة، وفي ذلك إخلال بتعظيم الله وملائكته وصالح المؤمنين. فضلا عن غير الملائكة والصالحين، وما رأيت أكثر مواظبة ولا حرصا على السواك من سيدي محمد بن عنان وسيدي شهاب الدين بن داود والشيخ يوسف الحريثي رحمهم الله، وكل ذلك من قوة الإيمان وتعظيم أوامر الله عز وجل وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وقد أكد صلى الله عليه وسلم في ذلك ولم يكتف بمجرد الأمر به مرة واحدة، فلازم يا أخي على السنة المحمدية لتجني ثمرة ثوابها في الآخرة، فإن لكل سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم درجة في الجنة لا تنال إلا بفعل تلك السنة، ومن قال من المتهورين هذه سنة يجوز لنا تركها يقال له يوم القيامة وهذه درجة يجوز حرمانك منها صرح بذلك الإمام أبو القاسم بن قسي في كتابة المسمى بخلع النعلين.
وقد بلغنا عن الشبلي رحمه الله أنه احتاج إلى سواك وقت الوضوء فلم يجده، فبذل فيه نحو دينار حتى تسوك به ولم يتركه في وضوء، فاستكثر بعض الناس بذل ذلك المال في سواك، فقال إن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فماذا يكون جوابي إذا قال لي لم تركت سنة نبيي، ولم تبذل في تحصيلها ما خصك الله به من جناح البعوضة، فأعجزه ومضى، وأظنك يا أخي لو طلب منك صاحب السواك نصفا واحدا حتى يعطيه لك لتركت السواك وقدمت النصف وأنت مع ذلك تزعم أنك من أولياء الله تعالى ومن المقربين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله إنها دعوى لا برهان عليها.
وسيأتي ما يستفاد منه في الأحاديث أن قليل العمل مع الأدب خير من كثير العمل من غير أدب.
وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه يقول لقراء القرآن: إياكم والغيبة والتكلم بالكلام الفاحش، ثم تتلون القرآن، فإن حكم ذلك حكم من مس بألفاظ القرآن القذر ولا شك في كفره، وهذا أمر قد عم غالب قراء القرآن، فلا يكاد يسلم منه إلا القليل، حتى قال الفضيل بن عياض وسفيان الثوري، قد صار القراء يتفكهون