كافأه فيذهب المعطى إلى الآخرة صفر اليدين من الأجر ومن لم يشكره يجد ثوابه كاملا في الآخرة لم ينقص منه شئ.
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حضرات القرب حتى يشرف على أحوال الآخرة بعين قلبه ويخرق بصره إلى الدار الآخرة وينظر ما أعد الله تعالى للعاملين بما أمرهم الله تعالى به فإنه ما من مأمور شرعي إلا وله درجة في الجنة لا ينالها العبد إلا إن فعل ذلك المأمور، ومن قال في الدنيا إن صلة الرحم يجوز تركها يقال له في الآخرة، وهذه أيضا درجة يجوز منعك إياها * (جزاءا وفاقا) * وفي الحديث: " " لا يشبع مؤمن من خير " ".
وتأمل إذا كنت محبا للدنيا وتسافر إلى البلاد البعيدة في طلبها، إذا جلست في مجلس ذكر أو قرأن تنعس ويجيئك النعاس من كل مكان، وتحجب عن شهود ما أعد الله تعالى لك في ذلك الذكر من الثواب، كل ذلك لضعف داعيتك إلى الجنة. وتأمل نفسك إذا جلس بجنبك إنسان ببدرة من ذهب وقال خذ لك على كل كلمة تقولها دينارا كيف يذهب عنك النوم وتمكث سهران إلى الصباح، ولو قال لك إنسان يكفيك هذا الذهب الذي أخذته وقم نم لك درجتين أو ثلاثة لا تسمع له لقوة داعيتك إلى الدنيا، فعلم أن كل من جاءه النوم في حال الذكر وتلاوة القرآن وغيرهما من الأذكار وذهب نومه في حال إعطائه الذهب فهو ضعيف الإيمان والتصديق بما وعد الله به من الثواب وهو دنياوي دق المطرقة، ليس له في طريق أهل الله نصيب، ولو كان من أكثر الناس عبادة.
وقد قالوا: من شرط المؤمن الكامل أن يكون الغائب الذي وعده الله به أو توعده عليه كالحاضر على حد سواء فمتى رجح الحاضر على الغائب أدنى ترجح فإيمانه لم يكمل وغالب الناس اليوم يقولون بلسان الحال ذرة منقودة خير من درة موعودة.
فاعمل يا أخي على رقة حجابك بالسلوك على يد شيخ ناصح لتقوم بأوامر الله عز وجل الذي كلفك بها أو ندبك إليها إن لم تكن من رجال امتثال الأمر لوجه الله، فإن من نزل عن درجة رجاء طلب الثواب الأخروي فقد خسر مع الخاسرين، فلا هو عمل امتثالا لأمر الله ولا هو عمل لأجل ثواب الله، هذا شأن أهل جنة الأعمال.
وأما الكمل الذين هم أهل جنة المتن فهم معولون على فضل الله تعالى، فلا عليهم إن كثرت أعمالهم أو قلت لعدم اعتمادهم على الأعمال وشهودهم أن خلقها ليس إليهم وإنما