أحمد ومسلم، والتي ترك القسم لها يحتمل أن يكون عن صلح ورضا منها، ويحتمل أنه كان مخصوصا بعدم وجوبه عليه لقوله تعالى: * (ترجي من تشاء منهن) * (سورة الأحزاب، الآية: 51) الآية.
قوله: أن سودة قال في الفتح: هي زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان تزوجها وهي بمكة بعد موت خديجة ودخل عليها بها وهاجرت معه. ووقع لمسلم من طريق شريك عن هشام في آخر حديث الباب قالت عائشة: وكانت امرأة تزوجها بعدي ومعناه عقد عليها بعد أن عقد على عائشة. وأما الدخول بعائشة فكان بعد سودة بالاتفاق، وقد نبه على ذلك ابن الجوزي.
قوله: وهبت يومها في لفظ للبخاري في الهبة يومها وليلتها وزاد في آخره: تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولفظ أبي داود: ولقد قالت سودت بنت زمعة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله يومي لعائشة فقيل ذلك منها ففيها وأشباهها نزلت: * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) * (سورة النساء، الآية: 128) الآية.
ورواه أيضا ابن سعد وسعيد بن منصور والترمذي وعبد الرزاق. قال الحافظ في الفتح: فتواردت هذه الروايات على أنها خشيت الطلاق فوهبت. قال: وأخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات من رواية القاسم بن أبي برة مرسلا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلقها فقعدت له على طريقه فقالت: والذي بعثك بالحق ما لي في الرجال حاجة، ولكن أحب أن أبعث مع نسائك يوم القيامة فأنشدك الذي أنزل عليك الكتاب هل طلقتني لموجدة وجدتها علي؟ قال: لا، قالت: فأنشدك لما راجعتني، فراجعها، قالت: فإني قد جعلت يومي وليلتي لعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: يومها ويوم سودة لا نزاع أنه يجوز إذا كان يوم الواهبة.
واليا ليوم الموهوب لها بلا فصل أن يوالي الزوج بين اليومين للموهوب لها، وأما إذا كان بينهما نوبة زوجة أخرى أو زوجات فقال العلماء: إنه لا يقدمه من رتبته في القسم إلا برضا من بقي، وهل يجوز للموهوب لها أن تمتنع عن قبول النوبة الموهوبة؟
فإن كان قد قبل الزوج لم يجز لها الامتناع، وإن لم يكن قد قبل لم يكره على ذلك، حكي ذلك في الفتح عن العلماء، قال: وإن وهبت يومها لزوجها ولم تتعرض للضرة فهل له أن يخص واحدة إن كان عنده أكثر من اثنتين أو يوزعه بين من بقي؟ قال:
وللواهبة في جميع الأحوال الرجوع عن ذلك متى أحبت، لكن فيما