الأول: إن الحوالة بيع حقيقة لأنها تمليك ما في ذمة المحال عليه بما في ذمة المحيل، فيكون المورد من مصاديق بيع ما لم يقبض.
الثاني: إنها معاوضة مستقلة بناء على عموم الحكم لمطلق المعاوضات بلا خصوصية للبيع.
الثالث: إن الحوالة تقتضي تشخيص الكلي الذي في الذمة بما يدفعه المحال عليه تشخيصا للكلي الذي في ذمته، فيصدق أنه انتقل بالبيع إلى المحال.
وجميع هذه الوجوه مردودة:
أما الأول: فلأن الحوالة ليست بيعا حقيقة، بل هي استيفاء. وتحقيقه في محله.
وأما الثاني: فلأنك عرفت أن النصوص لا تشمل مطلق المعاوضات، مع أن الحوالة ليست معاوضة بل هي استيفاء، كما عرفت.
وأما الثالث: فهو يتوقف على شمول النصوص لصورة جعل ما لم يقبض وفاء لما في الذمة من المبيع، وقد عرفت منعه.
هذا، مع أن المجعول وفاء بالحوالة هو الكلي الذي في ذمة المحال عليه، دون العين الخارجية التي يوقعها المحال عليه، فيتوقف على صدق النقل بالبيع على العين الخارجية وهو ممنوع. فتدبر.
إذن، فلا وجه للمنع، فعمومات الصحة محكمة.
الرابع: تعرض الشيخ (قدس سره) فيه إلى مسألة أجنبية عن محل البحث وهي ما لو دفع إلى من له عليه طعام دراهم وقال اشتر بها لنفسك طعاما. وذهب إلى عدم صحته باعتبار أن قضية المعاوضة انتقال كل عوض إلى ملك من خرج منه العوض الآخر فلو انتقل إلى غيره لم يكن عوضا، وهذا المعنى تعرض إليه الشيخ (قدس سره) (1) في مسألة المعاطاة بناء على إفادتها الإباحة وقد تابعه على ذلك المحقق النائيني (رحمه الله) (2).
ولا نرى ضرورة في التعرض لذلك ونوكله إلى محله.