والصحيح هو الثاني، لأن المحرم هو الغش وهو أمر ملازم للمعاملة، فلا يكون النهي متعلقا بها بذاتها. فالتفت.
ثم إن الشيخ (قدس سره) نقل عن جامع المقاصد (1) والمسالك (2) وغيرهما أنه ينبغي بطلان البيع في مثل شوب اللبن بالماء لأن ما كان من غير الجنس لا يصح العقد فيه والآخر مجهول. إلا أن يقال إن جهالة الجزء غير مانعة إن كانت الجملة معلومة، كما لو ضم ماله ومال غيره وباعهما ثم ظهر البعض مستحقا، فإن البيع لا يبطل في ملكه وإن كان مجهولا قدره وقت العقد. انتهى.
وقد ذكر الشيخ (قدس سره) توجه ما ذكروه اشكالا وجوابا في بعض موارد المزج، وتوضيح ذلك: إن مزج اللبن بالماء..
تارة: يستلزم استهلاك الماء في اللبن بنحو لا يصدق على المجموع إلا الحليب، غاية الأمر أنه حليب معيب لأنه مغشوش غير خالص، والحكم هو صحة المعاملة مع خيار العيب.
وأخرى: يستلزم استهلاك الحليب في الماء بحيث يصدق على المجموع ماء لا حليب والحكم هنا هو البطلان لتخلف المبيع ذاتا فإن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد، وفي حكمه ما لو تشكل من الممزوج والمزيج حقيقة ثالثة.
وثالثة: لا يستهلك أحدهما في الآخر بحيث يصدق على المجموع أنه مشتمل على كلتا الحقيقتين، كنصف من من حنطة مع نصف من من رز.
ومثل هذا هو مورد كلام الأعلام، والحكم فيه - كما ذكروه - هو تبعض الصفقة.
واشكال الجهالة يندفع بأنه لا جهالة في متعلق العقد وإنما المجهول ما هو المتحقق في الخارج، والمعتبر العلم بمقدار ما هو متعلق العقد. فلاحظ.