تحقيق الكلام أن بناء المتعاملين على الصحة..
تارة: يرجع إلى ما ذكرناه في صدر مبحث خيار العيب من أخذ المشتري من باب الداعي اعتمادا على أصالة السلامة لا من باب الشرط.
وأخرى: يرجع إلى ما قيل من الشرط الضمني بكون المبيع صحيحا.
ولا يخفى أنه على الأول لا التزام من قبل البائع، فلا موضوع للكلام.
نعم على الثاني يقع الكلام في أن التزامه هل يوجب صدق الغش أو لا؟ وذلك لأن التزامه بنفسه وإن لم يكن إظهارا للصحة، لكن الالتزام في مقام المعاملة والاقدام على المعاملة يتضمن إظهار الصحة، إذ يبعد أن يلتزم مع علمه بعدم الصحة، فيقع الكلام في أنه غش أو لا؟
وقد ذهب السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) إلى أن المشتري لم يعتمد على التزام البائع وإنما اعتمد على أصالة السلامة، فلا يصدق الغش إذ لم يكن التزام المشتري سببا في وقوعه في اللبس.
ولكن المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (2) خالف السيد (رحمه الله) وذهب إلى صدق الغش، ببيان:
إن الغش ليس كالكسر مما يتقوم صدقه بالمنفعل، فلا كسر إذا لم يوجد منكسر، بل هو كالأمر يصدق ولو لم يكن مؤتمر. وعليه، فالغش يصدق أنه حصل من البائع لكن لم ينغش به المشتري وإنما اعتمد على الأصل.
والذي نراه أن ما ذهب إليه السيد (رحمه الله) هو الصحيح، فإن ظاهر الاستعمالات العرفية كون الغش هو تلبيس الأمر مع حصول اللبس به بحيث لو لم يحصل اللبس لم يصدق الغش بل إنما تصدق إرادة الغش فيقال: أراد غشه فلم ينغش. لا أنه غشه فلم ينغش.
وعليه، فإن اعتمد المشتري على التزام البائع الذي يتضمن إظهار وجود وصف