الإجارة بأن من استأجره المستأجر لحمل متاعه المعين إلى بلد كذا، فأتاه الأجير، ولكنه اشتباها وغفلة أعطاه المال الآخر، وأرسله إلى بلد آخر، فإنه يستحق أجرتين: أجرة المسمى، وأجرة المثل، مع أن الأجير لا يكون له إلا حظ واحد.
وإن شئت قلت: إنه لا يملك إلا منفعة واحدة، على تسامح في التعبير.
وبالجملة: قاعدة اليد غير عقلائية، ولا بأس بالالتزام بما يلزم منها، لعدم صحة الاستبعاد مع اقتضاء الدليل، كما لا يخفى.
وثانيا: ما هو المفروغ عنه هو عدم استحقاقه لأكثر من بدل واحد، وهذا لا يستلزم عدم اشتغال الذمم الكثيرة بالأبدال.
وبعبارة أخرى: قرار الضمان على الكل لا يعقل، لا الضمان، فلا مانع عقلا من ذلك بعد اقتضاء السبب تعدد المسبب.
وبعبارة ثالثة: لو ورد النص ب " أن الأيادي المتعاقبة ضامنة، وعلى كل واحد منهم رد العوض والبدل " فإنه كما لا يمكن طرحه بدعوى: أن بدل الواحد واحد، كذلك لا يطرح بدعوى: أن اشتغال الكثير بالواحد ممتنع، بل مقتضى هذا النص اشتغال الكل بالأمثال والقيم، ووجوب الأداء على كل واحد، فإذا اقتضى دليل تعدد الضمان ذلك، وقلنا بعدم استحقاقه لأكثر من واحد، فلا بد من الجمع بين الدليلين، وتكون النتيجة ضمان الكل، ولكن قرار الضمان على واحد، أي لا يتحقق إلا أن يرجع إلى واحد.
ولعمري، إنه لا عويصة في المسألة حتى يحتاج إلى التدبر، وبعدما أسمعناك تقدر على أن تحيط خبرا بما في صحف الآخرين، ولو شئنا كشف النقاب عما قيل وقالوا في الباب لخرج الكتاب عن الصواب.