لكان مورد أخبار شاهد الزور أولى به، لأن شاهد الزور ما صنع إلا موضوعا لحكم الحاكم الذي هو أوجد الموضوع للمحكوم له، فإن المحكوم له الذي هو المستوفي للمنافع لا يكون ضامنا، وشاهد الزور الذي أوقع الحاكم في قيامه بوظيفته الظاهرية ضامن، وهل هذا إلا لأجل أن منشأ وقوع الفساد هو ذاك؟! والمسألة بعد تحتاج إلى مزيد تدبر وتأمل. وهذا كله يؤدي إلى ضمان البائع للمشتري.
ولو كان ذلك حقا لكان يستلزم جواز رجوع المالك إلى البائع، فإن تصرفات المشتري المستلزمة للنقصان في الملك، كما تستند إلى المشتري للمباشرة، تستند إليه للتسبب على الوجه الذي عرفت، أو للإتلاف، لأنه هو الذي أتلفه على مالكه وصاحبه، ويكون المشتري الجاهل كالحيوان عرفا من وجه.
وبعبارة أخرى: تصرفاته على نحوين:
تارة: تكون خسارة على المشتري، ولا تورث نقصانا في الملك.
وأخرى: تستلزم النقصان فيه.
فما كان من الأول، فلا حق للمالك على البائع.
وما كان من الثاني، ففي جواز رجوعه إلى المشتري حسب فهم العرف إشكال، فإن البائع أولى بالتضمين من شاهد الزور وصاحب الحيوان الغافل عن كونه مالكا للحيوان، ولولا مخافة توهم كونه من القياس المنهي، لكان الحكم المزبور المخالف للإجماع أقرب إلى التحقيق.