الحسن والحسين قلبين من فضة، فرجع ولم يدخل عليها. فلما رأت ذلك فاطمة ظنت إنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهما يبكيان، فأخذه رسول الله منهما وقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان - أهل بيت بالمدينة - واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج، فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا) (1).
وترتكز الشبهة التي طرحها (فضل الله) واعتبرها من الشواهد على عدم وجود باب لبيت فاطمة سلام الله عليها على أن أول ما واجه النبي صلى الله عليه وآله عندما قصد الدخول لبيت الزهراء سلام الله عليها هو الستار وليس الباب، فالحديث يقول أن النبي صلى الله عليه وآله رأى القرام بمجرد وضع يده على عضادتي الباب، وقد يقال في تأييد ذلك أن الحديث يقول إن القرام قد ضرب به، والضمير يعود للباب وفي ذلك دلاله على أن الستر كان موضوعا على الباب، أي أنه يحل محله.
ولكن دفع هذين القولين أمر سهل، فإن القول الأول يدفعه عدم المنافاة بين وجود الباب ووجود الستار، فنحن نشهد أن وضع الستار قبال باب البيت هي عاده قديمه كانت موجوده ولا تزال سارية في بعض البلدان، والحديث لم يتطرق لذكر باب البيت هل كان مفتوحا أم أن الرسول قد فتحه ولم يذكر الراوي ذلك لأنه لم يكن محط نظره أم أنه لم يكن هناك باب أساسا كما يسعى (فضل الله) تثبيته، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. هذا رغم أن وضع النبي صلى الله عليه وآله يده على عضادتي الباب فيه إشعار بوجود الباب وإنه كان مفتوحا لاستقبال النبي لقدومه من السفر.
أما القول الثاني فيدفعه إن معنى قول الراوي: (فرأى القرام قد ضرب به في ناحية البيت) هو إن الستر كان ممدودا من ناحية البيت ومتصلا بباب البيت، وهذا يؤكد ما قلناه في دفع القول الأول إن القرام كان قد وضع قبال الباب للستر على من في داخل البيت فيما لو فتح الباب، كما هي العادة الجارية حاليه في بعض البلدان. ويشهد لذلك ما ذكره الشريف الرضي إن الامام على عليه السلام قال في خطبه له يصف رسول الله صلى الله عليه وآله:
(ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول: يا فلانه - لإحدى أزواجه - غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها) (2). إي إن الستر كان موجودا مع وجود الباب، وأمر النبي صلى الله عليه وآله برفعه لا من جهة كونه سترا بل من جهة التصاوير الموجودة فيه والتي تذكره بالدنيا.