تخوم وطنه فكانت له بها ثروة أكسبته قوة فاستركب من قومه واستكثر من عصابته وعشيرته وهلك خلال ذلك وقد فشل ريح بنى عبد المؤمن وضعف أمر الخليفة بمراكش (وكان له من الولد) منديل وتميم وكان أكبرهما منديل فقام بأمر قومه على حين عصفت رياح الفتنة وسما لمنديل أمل في التغلب على ما يليه فاستأسد في عرينة وحامى عن أشباله ثم فسح خطوه إلى ما جاوره من البلاد فملك جبل وانشريس والمرية وما إلى ذلك واختط قصبة مرات وكان بسيط متيجة لهذا العهد في العمران آهلا بالقرى والأمصار (ونقل الأخباريون) أن أهل متيجة لذلك العهد يجمعون في ثلاثين مصرا فجاس خلالها وأوطأ الغارات ساحتها وخرب عمرانها حتى تركها خاوية على عروشها وهو في ذلك يوهم التمسك بطاعة الموحدين وأنه سلم لمن سالمهم حرب لمن عاداهم وكان ابن غانية منذ غلبه الموحدون عن إفريقية قد أزاحوه إلى قابس وما إليها فنزل الشيخ أبو محمد بن أبي حفص بتونس ودفعه إلى إفريقية إلى أن هلك سنة ثمان عشرة فطمع يحيى ابن غانية في استرجاع أمره وسبق إلى الثغور والأمصار يعيث فيها ويخربها ثم تجاوز إفريقية إلى بلاد زناتة وشن عليها الغارات واكتسح البسائط وتكررت الوقائع بينه وبينهم فجمع له منديل بن عبد الرحمن ولقيه بمتيجة وكانت الدبرة عليه وانفضت عنه مغراوة فقتله ابن غانية صبرا سنة ثنتين أو ثلاث وعشرين وتغلب على الجزائر اثر نكبته فصلب شلوه بها وصيره مثلا للآخرين وقام بأمره في قومه بنوه وكان منجبا فكان لهم العدد والشرف وكانوا يرجعون في أمرهم إلى كبيرهم العباس فتقلد مذاهب أبيه واقتصر على بلاد متيجة ثم غلبهم بنو توجين على جبل وانشريس وضواحي المرية وما إلى ذلك وانقبضوا إلى مركزهم الأول شلب وأقاموا فيها ملكا بدويا لم يفارقوا فيه الظعن والخيام والضواحي والبسائط واستولى على مدينة مليانة وتنس وبرشك وشرشال مقيمين فيها للدعوة الحفصية واختطوا قرية مازونة (ولما استوطن) الملك بتلمسان ليغمراسن بن زيان واستفحل سلطانه بها وعقد له عليها ولأخيه من قبله عبد المؤمن سما على التغلب على اعمال المغرب الأوسط وزاحم بنى توجين وبنى منديل هؤلاء بمكناسة فلفتوا وجوههم جميعا إلى الأمير أبى زكريا بن أبي حفص مديل الدولة بإفريقية من بنى عبد المؤمن وبعثوا إليه الصريخ على يغمراسن فاحتشد لهم جميع الموحدين والعرب وابتز تلمسان وافتتحها كما ذكرناه ولما قفل إلى الحضرة عقد في مرجعه لأمراء زناتة كل على قومه ووطنه فعقد للعباس بن منديل على مغراوة ولعبد القوى على توجين وولاء حورة؟؟ وسوغ لهم اتخاذ الآلة فاتخذوها بمشهد منه وعقد العباس السلم مع يغمراسن ووفد عليه بتلمسان فلقاه برة وتكريما عنه
(٦٤)