وصار في جملته وظاهره على شأنه ولقاه السلطان تكرمة وبرا وعقد له ولقومه حلفا مع صنهاجة أولياء الدولة والمتغلبين على ضاحية بجاية وجبال زواوة فاتصلت يد راشد بيد زعيمهم يعقوب بن خلوف آخر الدولة ولما نهض السلطان للاستيثار بملك الحضرة بتونس استعمل يعقوب بن خلوف على بجاية وعسكر معه راشد بقومه وأبلى في الحروب بين يديه وأغنى في مظاهرة أوليائه حتى إذا ملك حضرتهم واستولى على سراة سلفهم أسف حاجب الدولة راشد هذا وقومه بإمضاء الحكم في بعض حشمه وتعرض للحرابة في السابلة فتقبض عليه ورفع إلى سدة السلطان فأمضى فيه حكم الله وذهب راشد مغاضبا ولحق بوليه بن خلوف ومضطر به من زواوة وكان يعقوب بن خلوف قد هلك وولى السلطان مكانه ابنه عبد الرحمن فلم يدع حق أبيه في اكرام صديقه راشد وتشاجر معه في بعض الأيام مشاجرة نكر عبد الرحمن فيها ملاحة راشد له وأنف منها وأدل فيها راشد بمكانه من الدولة وببأس قومه فلدغه بالقول وتناوله عبد الرحمن وحشمه وخزا بالرماح إلى أن أقعصوه (1) وانذعر جمع مغراوة ولحقوا بالثغور القاصية وأقفر منهم شلب وما إليه كان لم يكونوا به فأجاز منهم بنو منيف وابن ويعزن إلى الأندلس للمرابطة بثغور المسلمين فكانت منهم عصابة موطنة هناك أعقابهم لهذا العهد وأقام في جوار الموحدين فل آخر من أوسط قومهم كانوا شوكة في عساكر الدولة إلى أن انقرضوا ولحق علي بن راشد بعمته في قصر بنى يعقوب بن عبد الحق فكفلته وسار أولاد منديل غضبا إلى وطن بنى مرين فتولوهم وأحسنوا جوارهم وأصهروا إليهم سائر الدولة إلى أن تغلب السلطان أبو الحسن على المغرب الأوسط ومحا دولة آل زيان وجمع كلمة زناتة وانتظم مع بلادهم بلاد إفريقية وعمل الموحدين وكانت نكبته على القيروان سنة تسع وأربعين كما شرحناه قبل فانتقضت العمالات والأطراف وانتزى أعياص الملك بمواطنهم الأولى فتوثب علي بن راشد بن محمد بن ثابت بن منديل على بلاد شلب وتملكها وغلب على أمصارها مليانة وتنس وبرشك وشرشال وأعاد ما كان لسلفه بها من الملك على طريقتهم البدوية وأرهفوا حدهم لمن طالبهم من القبائل وخلص السلطان أبو الحسن من ورطته إلى إفريقية ثم من ورطة البحر من مرسى الجزائر إلى بجاية يحاول استرجاع ملكه المفرق فبعث إلى علي بن راشد وذكره ذمتهم فتذكر وحن واشترط لنفسه التجافي له عن ملك قومه بشلب على أن يظاهره على بنى عبد الواد فأبى السلطان أبو الحسن من اشتراط ذلك فتحيز عنه إلى فئة بنى عبد الواد الناجين بتلمسان كما ذكرناه قبل وظاهرهم عليه وبرز إليهم السلطان أبو الحسن من الجزائر والتقى الجمعان بشربونة سنة احدى وخمسين فاختلف مصاف السلطان أبى الحسن
(٦٨)