المغرب الأوسط أخرجوا أعقاب محمد بن سليمان من سائر أعمال تلمسان فأخذوا بدعوة بنى أمية من وراء البحر وأجازوا إليهم وتغلب يعلى بن محمد اليفرنى على بلاد زناتة والمغرب الأوسط فعقد له الناصر الأموي عليها وعلى تلمسان أعوام أربعين وثلثمائة ولما هلك يعلى وأقام بأمر زناتة بعده محمد بن الخير بن محمد بن خزر داعية الحكم المستنصر بتلمسان أعوام ستين وهلك في حروب صنهاجة وغلبوهم على بلادهم وانجلوا إلى المغرب الأقصى ودخلت تلمسان في عمالة صنهاجة إلى أن انقسمت دولتهم وافترق أمرهم واستقل بامارة زناتة وولاية المغرب زيرى بن عطية وطرده المنصور عن المغرب أعوام؟؟ فصار إلى بلاد صنهاجة وأجلب عليها ونازل معاقلهم وأمصارهم مثل تلمسان وهراة وتنس وأشير المسيلة ثم عقد المظفر بعد حين لابنه المعز بن زيرى على أعمال المغرب سنة ست وتسعين فاستعمل على تلمسان ابنه يعلى بن زيرى واستقرت ولايتها في عقبه إلى إن انقرض أمرهم على يد لمتونة وعقد يوسف بن تاشفين عليها لمحمد بن تينعمر المستوفى وأخيه تاشفين من بعده واستحكمت الفتنة بينه وبين المنصور ابن الناصر صاحب القلعة من ملوك بنى حماد ونهض إلى تلمسان وأخذ بمخنقها وكاد أن يغلب عليها كما ذكرنا ذلك كله في مواضعه (ولما غلب) عبد المؤمن لمتونة وقتل تاشفين ابن علي بوهران خربها وخرب تلمسان بعد أن قتل الموحدون عامة أهلها وذلك أعوام أربعين من المائة السادسة ثم راجع رأيه فيها وندب الناس إلى عمرانها وجمع الأيدي على رم ما تثلم من أسوارها وعقد عليها لسليمان بن واندين من مشايخ هنتاتة وأخاير الموحدين وسبب هذا الحي من بنى عبد الواد بما أبلى من طاعتهم وانحياشهم ثم عقد عليها لابنه السيد أبى حفص ولم يزل آل عبد المؤمن بعد ذلك يستعملون عليها من قرابتهم وأهل بيتهم ويرجعون إليه أمر الغرب كله وزناتة أجمع اهتماما بأمرها واستعظاما لعملها وكان هؤلاء الاحياء من زناتة بنو عبد الواد وبنو توجين وبنو راشد غلبوا على ضواحي تلمسان والمغرب الأوسط وملكوها وتقلبوا في بسائطها واحتازوا باقطاع الدولة الكثير من أرضها والطيب من بلادها والوافر للجباية من قبائلها فإذا خرجوا إلى مشاتيهم بالصحراء خلفوا أتباعهم وحاشيتهم بالتلول لاعتمار أرضهم وازدراع فدنهم وجباية الخراج من رعاياهم وكان بنو عبد الواد من ذلك فيها بين البطحاء وملوية ساحله وريغة وصحراوة وصرف ولاة الموحدين بتلمسان من السادة نظرهم واهتمامهم بشأنها إلى تحصينها وتشييد أسوارها وحشد الناس إلى عمرانها والتناغي في عمرانها واتخاذ الصروح والقصور بها والاحتفال في مقاصد الملك واتساع خطة الدور وكان من أعظمهم اهتماما بذلك وأوسعهم فيه نظرا السيد أبو عمران موسى
(٧٧)