بعدها مغاضبا يقال إنه تحدث بمجلسه يوما فزعم أنه رأى فارسا واحدا يقاتل مائتين الفرسان فنكر ذلك من سمعه من بنى عبد الواد وعرضوا بتكذيبه فخرج العباس لها مغاضبا حتى أتى بقومه وأتى يغمراسن مصداق قوله فإنه كان يعنى بذلك الفارس نفسه وهلك العباس لخمس وعشرين سنة بعد أبيه سنة سبع وأربعين وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن منديل وصلحت الحال بينه وبين يغمرا سن وصاروا إلى الاتفاق والمهادنة ونفر معه بقومه مغروة إلى غزو المغرب سنة كلومان وهي سنة سبع وأربعين وستمائة هزمهم فيها يعقوب بن عبد الحق فرجعوا إلى أوطانهم وعاودوا شأنهم في العداوة وانتقض عليهم أهل مليانة وخلعوا الطاعة الحفصية (وكان من خبر) هذا الانتقاض أن أبا العباس أحمد الملياني كان كبير وقته علما ودينا ورواية وكان عالي السند في الحديث فرحل إليه الاعلام وأخذ عنه الأئمة وأوفت به الشهرة على ثنايا السيادة فانتهت إليه رياسة بلده على عهد يعقوب المنصور وبنيه ونشأ ابنه أبو على في جو هذه العناية وكان جموحا للرياسة طامحا للاستبداد وهو مع ذلك خلو من المغارم فلما هلك أبوه جرى في شأو رياسته طلقا ثم رأى ما بين مغراوة وبنى عبد الواد من الفتنة فحدثته نفسه بالاستبداد ببلده فجمع لما جرى وقطع الدعاء للخليفة المستنصر سنة تسع وخمسين وبلغ الخبر إلى تونس فسرح الخليفة أخاه في عسكر من الموحدين في جملته دون الديك ابن هرنزة من آل ادفوش ملوك الجلالقة كان نازعا إليه عن أبيه في طائفة من قومه فنازلوا مليانة أياما وداخل السلطان طائفة من مشيخة البلد المنحرفين عن ابن الملياني فسرب إليهم جنودا بالليل واقتحموها من بعض المداخل وفر أبو على الملياني تحت الليل وخرج من بعض البلد فلحق بأحياء العرب ونزل على يعقوب بن موسى بن العطاب من بطون زغبة فأجاره إلى أن لحق بعدها يعقوب بن عبد الحق فكان من أمره ما ذكرناه في أخبارهم وانصرف عسكر الموحدين والأمير أبو حفص إلى الحضرة وعقد لمحمد بن منديل على مليانة فأقام بها الدعوة الحفصية على سنن قومه ثم هلك محمد بن منديل سنة ثنتين وستين لخمس عشرة من ولايته قتله أخوه ثابت وعابد بمنزل ظواعنهم بالخيس من بسيط بلادهم وقتل معه عطية ابن أخيه سنيق وتولى عابد وشاركه ثابت في الامر واجتمع إليه قومه وتقطع ما بين أولاد منديل وخشنت صدورهم واستغلظ يغمراسن بن زيان عليهم وداخله عمر بن منديل في أن يمكنه من مليانة ويشد عضده على رياسة قومه فشارطه على ذلك وأمكنه من أزمة البلد سنة ثمان وستين ونادى بعزل ثابت ومؤازرة عمر على الامر فتم لهما ما أحكماه من أمرهما في مغراوة واستمكن بها يغمراسن من قيادة قومه ثم تناغى أولاد منديل في الازدلاف إلى يغمراسن بمثلها نكاية
(٦٥)