فلقاه السلطان الكرامة كما يحب واستوزره عوضا نائبا للحسن بن يوسف بن علي بن محمد الورتاجني السابق إلى وزارته لقيه بسبتة وقد غر به منصور بن سليمان إلى الأندلس فاستوزره واستكفاه ولما اجتمعت العساكر عنده بالقصر صمد إلى فاس ولقيه الحسن بن عمر بظاهرها فأعطاه طاعته ودخل إلى دار ملكه وانا في ركابه لخمس عشرة ليلة من نزوعي إليه منتصف شعبان سنة ستين وسبعمائة فرعى لي السابقة واستعملني في كتابة سره والترسيل عنه والانشاء لمخاطباته وكان أكثرها يصدر عين بالكلام المرسل بدون أن يشاركني أحد ممن ينتحل الكتابة في الاسجاع لضعف انتحالها وخفاء المعاني منها على أكثر الناس بخلاف غير المرسل فانفردت به يومئذ وكان مستغربا عند من هم من أهل هذه الصناعة ثم أخذت نفسي بالشعر وانثال على منه بحور توسطت بين الإجادة والقصور وكان مما أنشدته إياه ليلة المولد النبوي من سنة ثلاث وستين أسرفن في هجري وفى تعذيبي * وأطلن موقف عبرتي ونحيبي وأبين يوم البين موقف ساعة * لعواد مشغوف الفؤاد كئيب لله عهد الظاعنين وقد غدا * قلبي رهين صبابة ووجيب غربت ركائبهم ودمعي سافح * فشربت بعدهم بماء غروب يا ناقعا بالعتب غلة شوقهم * رحماك في عذلي وفى تأنيبي يستعذب الصب الملام وأنني * ماء المدام لدى غير شروب ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى * لولا تذكر منزل وحبيب أصبو إلى اطلال كانت مطلعا * للبدر منهم أو كناس ربيب عبثت به أيدي البلى وترددت * في عطفها للدهر أي خطوب تبلى معاهدها وان عهودها * ليجرها وصفى وحسن نسيبي وإذا الديار تعرضت لمتيم * هزت لذكراها أولى التشبيب ايه على الصبر الجميل فإنه * ألوى برين فؤادي المنهوب لم أنسها والدهر يثنى صرفه * ويغض طرفي حاسد ورقيب والدار مونقة بما لبست من * الأيام تجلوها بكل قشيب يا سائق الاظعان يعتسف الفلا * بتواصل الاسناد والتأويب متهافتا عن رحل كل مدلل * نشوان من آن ومس لغوب تتجاذب النفحات فضل ردائه * في ملتقاها من صبا وجنوب ان هام من ظما الصبابة صحبه * نهلوا بمورد دمعه المسكوب ان تعترض مسراهم سدف الدجى * صدعوا الدجى بغرامه المشبوب
(٤٠٥)