شأنه من الفتنة والاجلاب على البدو والحاضرة وشق عصا الجماعة وانتقض خلوف بن أبي بكر على المنصور لوقته وراجع ولاية المنصور بن بلكين ومرض أبو البهار في المظاهرة عليه للوصلة التي بينهما وقعد عما قام له زيرى بن عطية من حرب خلوف بن أبي بكر وأوقع به زيرى في رمضان سنة احدى وثمانين واستلحمه وكثيرا من أوليائه واستولى على عسكره وانحاش إليه عامة أصحابه وفر عطية شريدا إلى الصحراء ثم نهص على اثرها لبدوي بن يعلى وقومه فكانت بينهم لقاءات انكشف فيها أصحاب بدوي واستلحم منهم زهاء ثلاثة آلاف واكتسح معسكره وسبيت حرمه التي كانت منهن أمه وأخته وتحيز سائر أصحابه إلى فئة زير وخرج شريدا إلى الصحراء إلى أن اغتاله ابن عمه أبو يداس بن دوناس كما ذكرناه وورد خبر الفتحين متعاقبين على المنصور فعظم موقعهما لديه وقد قيل إن مقتل بدوي انما كان عند إياب زيرى من الوفادة وذلك أنه لما استقدمه المنصور ووفد عليه كما ذكرناه خالفه بدوي إلى فاس فملكها وقتل من مغراوة خلقا واستمكن بها أمره فلما رجع زيرى من وفادته امتنع بها بدوي فنازله زيرى وطال الحصار وهلك من الفريقين خلق ثم اقتحمها عليه عنوة وبعث برأسه إلى سدة الخلافة بقرطبة إلا أن راوي هذا الخبر يجعل وفادة زيرى على المنصور وقتله لبدوي سنة ثلاث وثمانين فالله أعلم أي ذلك كان (ثم إن زيرى) فسد ما بينه وبين أبى البهار الصنهاجي وتزاحف فأوقع به زيرى وانهزم أبو البهار إلى سبتة موريا بالعبور فبادر بكاتبه عيسى بن سعيد بن القطاع في قطعة من الجند إلى تلقيه فحاد عن لقائه وصاعد إلى قلعة جراوة وقد قدم الرسل إلى ابن أخيه المنصور صاحب القيروان مستميلا إلى أن التحم ذات بينهما ثم تحيز إليه وعاد إلى مكانه من عمله وخلع ما تمسك به من طاعة الأموية وراجع طاعة الشيعة فجمع المنصور لزيرى بن عطية أعمال المغرب واستكفى به في سد الثغر وعول عليه من بين ملوك المغرب في الذب عن الدعوة وعهد إليه بمناجزة أبى البهار وزحف إليه زيرى في أمم عديدة من قبائل زناتة وحشود البربر وفر أمامه ولحق بالقيروان واستولى زيرى على تلمسان وسائر أعمال أبى البهار وملك ما بين السوس الأقصى والزاب فاتسع ملكه وانبسط سلطانه واشتدت شوكته وكتب بالفتح إلى المنصور بمائتين من الخيل وخمسين جملا من المهارى السبق وألف درقة من جلود اللمط وأحال من قسى الزاب وقطوط الغالية والزرافة وأصناف الوحوش الصحراوية كاللمط وغيره وألف حمل من التمر وأحمال من ثياب الصوف الرفيعة كثيرة فجدد له عهده على المغرب سنة احدى وثمانين وأنزل أحياء بأنحاء فاس في قياطينهم واستفحل أمر زيرى بالمغرب ودفع بنى يفرن عن فاس إلى نواحي سلا واختط
(٣١)