لحربه سنة خمس وسبعين وجاء أثره إلى الجزيرة كيما يشارف القصة وأحيط بالحسن بن كنون فسأل الأمان وعقد له مقارعة عمر وعسكلاجة وأشخصه إلى الحضرة فلم يمض ابن أبي عامر امامه ورأى أن لا ذمة له لكثرة نكثه فبعث من ثقاته من أتاه برأسه وانقرض أمر الأدارسة وانمحى أثرهم فأغضب عمر وعسكلاجة لذلك واستراح إلى الجند بأقوال نميت عنه إلى المنصور فاستدعاه من العدوة وألحقه بمقتوله ابن كنون وعقد على العدوة للوزير حسن بن أحمد بن عبد الودود السلمي وأكثف عدده وأطلق في المال يده ونفذ إلى عمله سنة ست وسبعين فضبط المغرب أحسن ضبط وهابته البرابرة ونزل فاس من العدوة فعز سلطانه وكثر جمعه وانضم إليه ملوك النواحي حتى حذر ابن أبي عامر مغبة استقلاله واستدعاه ليبلو صحة طاعته فأسرع اللحاق به فضاعف تكرمته وأعاده إلى عمله وكان بدوي بن يعلى هذا من بين ملوك زناتة كثير الاضطراب على الأموية والمراوغة لهم بالطاعة وكان لمنصور بن أبي عامر يضرب بينه وبين قرينه زيرى بن عطية ويقرن كلا منهما بمناغاة صاحبه في الاستقامة وكان إلى زيرى أميل وبطاعته أوثق لخلوصه وصدق طويته وانحياشه فكان يرجو ان يتمكن من قياد بدوي بن يعلى بمناغاته فاستدعى بزيرى بن عطية الحضرة سنة سبع وسبعين فبادر إلى القدوم عليه وتلقاه وأكبر موصله وأحسن مقامه ومنقلبه وأعظم جائزته وسام بدوي مثلها فامتنع وقال لرسوله قل لابن أبي عامر متى عهد حمر الوحش تنقاد للبيطارة وأرسل عنانه في العيث ولفساد ونهض إليه صاحب المغرب الوزير حسن بن عبد الودود في عساكره وجموعه من جند الأندلس وملوك العدوة مظاهرا عليه لعدوه زيرى بن عطية وجمع لهم بدوي ولقيهم سنة احدى وثمانين فكان الظهور له وانهزم عسكر السلطان وجموع مغراوة واستلحموا وجرح الوزير حسن بن عبد الودود جراحات كان فيها لليال مهلكه وطار الخبر إلى ابن أبي عامر فاغتم لذلك وكتب إلى زيرى بضبط فاس ومكانفة أصحاب حسن وعقد له على المغرب كما نستوفي ذكره عند ذكر دولتهم وغالبه بدوي عليها مرة بعد أخرى ونزع أبو البهار بن زيرى بن مناد الصنهاجي عن قومه ولحق بسواحل تلمسان ناقضا لطاعة الشيعة وخارجا عن أخيه المنصور بن بلكين صاحب القيروان وخاطب ابن أبي عامر من وراء البحر وأوفد عليه ابن أخيه ووجوه قومه فسرب إليه الأموال والصلاة بفاس مع زيرى حسبما نذكره وجمع أيديهما على مدافعة بدوي فساء أمره فيهما جميعا إلى أن راجع أبو البهار ولاية منصور بن أخيه كما نذكره بعد وحاربه زيرى فكان له الظهور عليه ولحق أبو البهار بسبتة ثم عاد إلى قومه واستفحل زيرى من بعد ذلك وكانت بينه وبين بدوي وقعة اكتسح زيرى من ماله ومعسكره مالا كقوله وسبى حرمه واستلحم من قومه
(٢٠)