على حرب زناتة وسوغه ما غلب عليه من أعمالهم وجمعوا للحرب سنة ستين ومائتين فلقى بلكين بن زيرى جموعهم بدسيسة من بعض أولياء محمد بن الخير قبل أن يستكمل تعبيتهم فأبلى منهم ناسا صبرا واشتدت الحرب بينهم وانهزمت زناتة حتى إذا رأى محمد بن الخير ان قد أحيط به انتبذ إلى ناحية من العسكر وذبح نفسه واستمرت الهزيمة على قومه ووجد منهم في المعركة سبعة عشر أميرا سوى الاتباع وتحيز كل إلى فريقه وولى بعد محمد في مغراوة ابنه الخير وأغرى بلكين بن زيرى الخليفة معد الجعفر بن علي ابن حمدون صاحب المسيلة والزاب بموالاة محمد بن الخير فاستراب جعفر وبعث عنه معد لولاية إفريقية حتى اعتزم على الرحيل إلى القاهرة فاشتدت استرابته ولحق بالخير ابن محمد وقومه وزحفوا إلى صنهاجة فأتيحت لهم الكرة وأصيب زيرى بن مناد كبير العصابة وبعثوا برأسه إلى قرطبة في وفد من وجوه بنى خزر مع يحيى بن علي أخي جعفر ثم استراب بعدها جعفر من زناتة ولحق بأخيه يحيى ونزلوا على الحكم وعقد معه لبلكين ابن زيرى على حرب زناتة وأمده بالأموال والعساكر وسوغه ما تغلب عليه من أعمالهم فنهض إلى المغرب سنة احدى وستين وأوغر بالبرابرة منهم وتعرى أعمال وباغاية والمسيلة وبسكرة وأجفلت زناتة امامه وتقدم إلى تاهرت فمحا من المغرب الأوسط آثار زناتة ولحق بالمغرب الأقصى واتبع بلكين آثار الخير بن محمد وقومه إلى سجلماسة فأوقع بهم وتقبض عليهم فقتله صبرا وفض جموعهم ودوخ المغرب وانكفأ راجعا ومر بالمغرب الأوسط فالتحم بوادي زناتة ومن إليهم من المصاصين ورفع الأمان على كل من ركب فرسا أو أنتج خيلا من سائر البربر ونذر دماءهم فأقفر المغرب الأوسط من زناتة وصار إلى ما وراء ملوية من بلاد المغرب الأقصى إلى أن كان من رجوع بنى يعلى بن محمد إلى تلمسان وملكهم إياها ثم هلك بنو خزر بسجلماسة وطرابلس وملك بنى زيرى بن عطية بفاس ما نحن ذاكروه ان شاء الله تعالى
(٢٧)