أهلها ودافعوه بحرمه فاحتملهن وفر أمام العساكر إلى الصحراء وأسلم جميع أعماله وطير عبد الملك بالفتح إلى أبيه فعظم موقعه عنده وأعلن بالشكر لله والدعاء وبث الصدقات وأعتق الموالى وكتب إلى ابنه عبد الملك بعهده على المغرب فأصلح نواحيه وسد ثغوره وبعث العمال في جهاته فأنفذ محمد بن الحسن بن عبد الودود في جند كثيف إلى تادلا واستعمل حميد بن يصل المكناسي على سجلماسة فخرج كل لوجهه واقتضوا الطاعة وحملوا إليه الخراج وأقفل المنصور ابنه عبد الملك في جمادى من سنة تسع وثمانين وعقد على المغرب لواضح فضبطه واستقام على تدبيره ثم عزله في رمضان من سنته بعبيد الله بن أخيه يحيى ثم ولى عليه من بعده إسماعيل بن البورى؟؟ من بعد بالأخوص معن بن عبد العزيز التجيبي إلى أن هلك المنصور وأعاد المظفر بن المعز بن زيرى من منتبذه بالمغرب الأوسط لولاية أبيه بالمغرب فنزل فاس وكان من خبر زيرى أنه لما استقل من نكبته وهزيمة عبد الملك إياه واجتمع إليه بالصحراء فل مغراوة وبلغه اضطرا ب صنهاجة واختلافهم على باديس بن المنصور بعد مهلك أبيه وأنه خرج عليه بعد عمومته مع ماكس بن زيرى فصرف وجهه حينئذ إلى أعمال صنهاجة ينتهز فيها الفرصة واقتحم المغرب الأوسط ونازل تاهرت وحاصر بها يطوفة بن بلكين وخرج باديس من القيروان صريخا له فلما مر بطبنة امتنع عليه فلفول بن خزرون وخالفه إلى إفريقية فشغل بحربه وكان أبو سعيد بن خزرون لحق بإفريقية وولاه المنصور على طبنة كما نذكره فلما انتقض سار إليه باديس ودفع حماد بن بلكين في عساكر صنهاجة إلى مدافعة زيرى ابن عطية فالتقيا بوادي ميناس قرب تاهرت فكانت الدائرة على صنهاجة واحتوى زيرى على معسكرهم واستلحم ألوفا منهم وفتح مدينة تاهرت وتلمسان وشلف وتنس وأقام الدعوة فيها كلها للمؤيد هشام ولحاجبه المنصور من بعده ثم اتبع آثار صنهاجة إلى أشير قاعدة ملكهم فأناخ عليها واستأمن إليه زاوي بن زيرى ومن معه من أكابر أهل بيته المنازعين لباديس فأعطاه منه ما سأل وكتب إلى المنصور بذلك يسترضيه ويشترط على نفسه الرهن والاستقامة ان أعيد إلى الولاية ويستأذنه في قدوم زاوي وأخيه علال فأذن لهما وقدما سنة تسعين وسأل أخوهما أبو البهار مثل ذلك وأنفذ رسله يذكر تقديمه فسوفه المنصور لما سبق من نكثه واعتل زيرى بن عطية وهو بمكانه من حصار أشير فأفرج عنها وهلك في منصرفه سنة احدى وتسعين واجتمع آل خزر وكافة مغراوة من بعده على ابنه المعز بن زيرى فبايعوه وضبط أمرهم وأقصر عن محاربة صنهاجة ثم استجدى للمنصور واعتلق بالدعوة العامرية وصلحت حاله عندهم وهلك المنصور خلال ذلك ورغب المعز من ابنه عبد الملك المظفر أن يعيده إلى عمله على مال يحمله
(٣٣)