المقارنة الحقيقية بدون التقديم، فإن غاية ما لزم عدم تمكن المكلف من إيقاع المقارنة بالاختيار، وهو لا ينفي الاتفاق، فنفرض المسألة على تقديره، فلا يكون التقديم واجبا.
وأيضا نمنع اشتراط المقارنة المذكورة في النية مطلقا، بل النية للفعل المستغرق للزمان تكون بعد تحققه لا قبله، كما صرح به بعضهم في نية الوقوف بعرفة وجعلها مقارنة لما بعد الزوال.
وأيضا تشترط المقارنة لو لم تؤثر النية المتأخرة في الجزء المتقدم، وهي مؤثرة في الصوم، فإن من نسي النية فجددها في النهار صح صومه (1).
ونجيب عن الأول: بأن إمكان الوقوع والاتفاق غير مفيد، لوجوب أداء التكليف، مع أن المكلف به هو تحصيل العلم، وهو غير ممكن عادة، وبناء التكاليف على الأحوال العادية المتعارفة، ولذا يحكمون بوجوب غسل جز من الرأس في غسل الوجه للوضوء من باب المقدمة مع إمكان اتفاق البدأة بأعلى الوجه الحقيقي.
وعن الثاني: بأن انتفاء المقارنة المذكورة موجب لخلو أول الجزء من النية، فلا يكون من العبادة المطلوبة.
وأما ما كان كذلك فابتداء وقته حقيقة ما بعد الآن المشتمل على النية، والزمان فيه هو الزمان العرفي لا الحقيقي، فوقت الوقوف من أول الزوال عرفا لا حقيقة، وذلك لا يمكن في الصوم، للاجماع على أن وقته تمام اليوم حقيقة.
وعن الثالث: بأن تأثير النية في الجزء المتقدم على خلاف الأصل كما عرفت، فلا بد من الاقتصار فيه على ما ثبت فيه من الناسي وذوي الأعذار