ولا يجعله متقربا به إلى الله، فلا يجوز تأخيرها عنه.
وكذا التقديم الغير المستمر إلى الجزء الأول فعلا أو حكما، وأما المستمرة حكما فهي كالمقارنة، كما بيناها في بحث الوضوء.
فالحاصل: أنه تجب مقارنة النية الفعلية أو الحكمية لأول جز من العمل، ولا يجوز التأخير مطلقا، ولا التقديم بدون الاستمرار الحكمي، ولا يجب التقديم مطلقا، للأصل، فهذا هو الأصل في النية.
وقد تخلف الأصل في الصيام في مواضع يأتي ذكرها في المسائل الآتية بالدليل، فقد يوجب التقديم وقد يجوز التأخير، وليس المعنى في صورة التأخير أن معه يكون مجموع اليوم متقربا فيه إلى الله، بل المعنى: أن مجموع اليوم - الذي بعضه يشتمل على نية القربة - قائم مقام الذي يشتمل جميعه عليها بالدليل الشرعي.
ثم إن مقتضى الأصل المذكور - مضافا إلى النبويين المشهورين، أحدهما: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل) (1) والآخر: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) (2) - أن يكون وقت نية الصيام الليل حتما، حيث إن مقتضاه وجوب العلم بمقارنتها لطلوع الفجر الذي هو أول اليوم، وهو لما لا يحصل عادة إلا بإيقاعها قبل الطلوع، لأن الطلوع لا يعلم إلا بعد وقوعه، فلا يحصل العلم بمقارنة النية له إلا بتقديمها عليه، فيكون التقديم واجبا.
قيل: الأمر وإن كان كذلك لكن نفرض المسألة على تقدير وقوع