بالاطلاق في أيام تضيق القضاء حتى تبرأ الذمة بالاتيان به ويجري الأصل في الزائد، بل الثابت شرعا هو وجوب الصوم قضاء فيها، ووقع أمر الشارع بالقضاء بمثل قوله: (اقض) أو: (تقضي) أو: (صم قضاء) ولا تعلم صيرورته قضاء إلا بقصده.
فإن قيل: كما أن اليوم المعين في شهر رمضان والنذر المعين ظرف للصوم، كذلك القضاء والنيابة وصف له، فما الفرق في لزوم تعيين ذلك في النية دونه؟
قلنا: الفرق أن المطلوب حصول ذلك الظرف والوصف، والأول حاصل في الخارج من غير احتياج إلى النية، بخلاف الثاني، فإنه لا تحقق له إلا بالقصد، وعلى هذا فلك أن تجعل مناط ما يجب تعيينه بالقصد وما لا يجب: قيد المأمور به، الذي لا وجود له إلا بالقصد، وماله وجود بنفسه، فما كان من الأول يجب قصده، وما كان من الثاني لا يجب.
ومما ذكرنا علم المناط والضابط فيما يعتبر فيه قصد التعيين وما لا يعتبر فيه.
الموضع الرابع: ما لم يتعلق بذمة المكلف غير صوم واحد واجب أو ندب.
ولا تعتبر فيه أيضا نية التعيين وقصد السبب، إلا إذا كان السبب قيدا للمأمور به أو جزا له ولم يتعين إلا بالقصد، كما مر في الموضع السابق.
الموضع الخامس: ما تعددت وجوه الصوم ولكن أمكن تداخلها.
ولا يعتبر فيه التعيين، بل يكفي قصد الصوم مطلقا عن الجميع، لما أثبتناه من أصالة تداخل الأسباب، بل يكفي قصد واحد معين عن الجميع أيضا، لما أثبتناه في موضعه من التداخل القهري فيما يمكن فيه التداخل،