ما مر من الإذن المعلوم بشاهد الحال، فإنا نعلم قطعا - بحيث لا يداخله شوب شك - أن الإمام الغائب - الذي هو صاحب الحق في حال غيبته، وعدم احتياجه، وعدم تمكن ذي الخمس من إيصاله حقه إليه، وكونه في معرض الضياع والتلف، بل كان هو المظنون، وكان مواليه وأولياؤه المتقون في غاية المسكنة والشدة والاحتياج والفاقة - راض بسد خلتهم ورفع حاجتهم من ماله وحقه.
كيف؟! وهم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، فما الحال إذا لم تكن لهم حاجة وخصاصة؟!
وكيف لا يرضى؟! وهو خليفة الله في أرضه والمؤمنون عياله، كما صرح به في مرسلة حماد، وفيها: (وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له).
وهو منبع الجود والكرم، سيما مع ما ورد منهم وتواتر من الترغيب إلى التصدق وإطعام المؤمن وكسوته والسعي في حاجته وتفريج كربته (1)، والأمر بالاهتمام بأمور المسلمين، حتى قالوا: (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) (2).
وقالوا في حق المسلم على المسلم: (إن له سبع حقوق واجبات، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته، ولم يكن لله فيه من نصيب) إلى أن قال: (أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك) إلى أن قال: (والحق الثالث: أن تغنيه بنفسك ومالك) إلى أن قال: (والحق الخامس: أن لا تشبع ويجوع) الحديث (3).