وكذا بما يوجب ترك القيام، كأمره باستلقاء من كان في عينيه الماء ثلاثين يوما وأربعين يوما، ونحو ذلك، أو بجلوسه كذلك لمرض وإن لم يكن في نفسه عاجزا عن القيام، للنصوص، منها صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الأطباء فيقولون نداويك شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا كذلك يصلي، فرخص في ذلك، وقال: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه (1) " (2).
وفي حكم ما ذكر الخوف من اللص والسبع والجرح والحبس تحت السقف المنحط وغير ذلك.
ثم إنه لو دار الأمر بين الصلاة متكئا وماشيا مستقلا فلا ريب في رجحان الأول، ويظهر وجهه مما تقدم. والقول بالثاني ضعيف (3).
ما لو دار الأمر بين القعود والصلاة ماشيا ففيه قولان، أقربهما تقديم الأول، لما مر من النصوص المستفيضة (4)، إذ القيام لا يصدق على المشي. ويصح سلب اسم الماشي عن القائم وبالعكس.
وأيضا لم يعهد من الشرع للمريض الصلاة ماشيا، والعبادة موقوفة عن التوظيف.
وأما الاستدلال على القول الثاني بأن ترك وصف القيام - وهو الاستقرار - أولى من ترك نفسه، فهو ضعيف جدا، لأنا لو سلمنا كون المشي من أفراد القيام لا نسلم كون الاستقرار وصفا له، بل هو وصف للمصلي مثل القيام، ولا وجه لترجيح أحد الوصفين على الآخر.