فانيا في المدلول، وكان أحد المدلولين أقرب إلى الواقع، فالدال عليه أقرب، ولذا يوصف الخبر المخالف للعامة بكونه أقوى، مع أنه ليس الا من اجل كون مضمونه أقرب إلى الحق، أو أبعد عن الباطل عند من يجعل مرجحية المخالفة من هذه الحيثية، لا لكون المخالفة أمارة تعبدية على الحجية الفعلية. فتدبر.
" هل يشمل التخيير أو الترجيح بغير موارد الجمع العرفي؟ " قوله: وقصارى ما يقال في وجهه... الخ.
توضيح المقام: أن التعارض بين الحديثين - كما عرفت في أول الباب - لا ينسب إليهما الا بلحاظ الدلالة، لا المدلول بذاته، ولا الحديثين من حيث الدليلية والحجية، ولذا قلنا سابقا أن التعارض بهذا المعنى ثابت بالنسبة إلى العام والخاص أيضا.
الا أن السؤال عن حكم تعارض الحديثين باعتبار الأثر المرتب عليهما لا باعتبار مجرد التعارض بين الكاشفين، ولو لم يكن لهما حجية ودليلية فلا منافاة بين أن يكون التعارض باعتبار الكاشفية والدلالة، وأن يكون السؤال عن حكمه باعتبار الحجية والدليلية.
ومن البين: أن السؤال بدوا باعتبار صدورهما - من حيث كونهما خبرا قابلا للصدور وعدمه - ولذا لم يقع سؤال عن الآيتين المتعارضتين، ولا عن المتواترين المتعارضين، حتى يكون مآله إلى التحير في حال ظاهرين متعارضين، ليحمل تارة - على عدم الالتفات إلى ما يقتضيه حكم العرف بالجمع بينهما، في مثل العام والخاص، وأخرى - على احتمال الردع عن الطريقة العرفية.
وإذا كانت جهة السؤال متمحضة في التعبد بالصدور، فلا محالة لا مجال للتحير في التعبد بالصدور، الا في مدلولين، غير متلائمين عرفا، فان المتلائمين عرفا لا مانع عن التعبد بصدورهما بأدلة حجية الخبر، المفروض شمولها في