وأما مقام الاثبات، فالظاهر من الأدلة العامة على حجية الخبر هي الطريقية، ولا مانع من حمل أدلة الحجية الفعلية - أعني الاخبار العلاجية (1) - على التعيين والتخيير الطريقيين، كما عرفت إمكانه.
نعم ربما يستظهر منها السببية ولو في صورة التعارض فقط، نظرا إلى إعمال بعض المرجحات، التي لا توجب قوة الصدور، والقرب إلى الواقع، والتصريح بأن التخيير لمجرد التسليم لما ورد عنهم عليهم السلام.
وعليه، فيمكن القول بالتعيين - في صورة احتمال المزية المعتبرة - بدعوى أن الراجح ذا مصلحة، وأن المرجوح ليس في المصلحة أصلا، وأن ثبوت المصلحة - في الطرفين - مخصوص بصورة تعادل الخبرين، فان الظاهر - إن المصلحة - المقتضية للتخيير - مصلحة التسليم المختصة بالمتعادلين، لا أن هذه المصلحة هي المقتضية للاخذ بالراجح بوجه أقوى.
وحينئذ فالأصل يقتضي التعيين مطلقا، سواء قلنا بأن مفاد الاخبار العلاجية جعل الحجية على وجه الطريقية أو على وجه الموضوعية.
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - تحقيق حال الاخبار العلاجية من حيث اقتضاء الترجيح والتخيير.
" أخبار التخيير " قوله: إلى غير ذلك من الاطلاقات... الخ.
مجموع ما ورد في الباب مما يتضمن التخيير تسعة، وقد ذكرت أربعة منها في المتن.