بتوهم قوله عليه السلام (يعلم شيئا من قضايانا أو من قضائنا) - على اختلاف النسخ - فان المراد معرفة شئ معتد به لا معرفة قضاء واحد.
وتوهم أن حرف الابتداء للبيان لا للتبعيض فلا بد من معرفة جميع قضاياهم لا مقدار معتدا به، أو معرفة طبيعي قضائهم عليهم السلام، ومعرفة الطبيعة بحدها لا تكون مع الجهل بمقدار معتد به.
مدفوع بان حرف الابتداء بناء على أن مدخوله (القضايا) ليس للبيان قطعا، وإلا لقال عليه السلام: " أشياء من قضايانا " ليوافق البيان للمبين به، بل لو كان مدخوله الطبيعة صح التبعيض بمعنى اقتطاع متعلقه عن مدخوله وان لم يصح عنوان التبعيض نظرا إلى أن الفرد ليس بعض الطبيعة، بل بناء على كونه للبيان يصح صدق انه يعلم قضائهم عليهم السلام بقول مطلق إذا علم مقدارا معتدا به.
فتدبر.
" في التخطئة والتصويب " قوله: ولا يخفى أنه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم... الخ.
اعلم أن الوجوه المتصورة في المقام - كما يظهر من مجموع الكلام - ثلاثة:
أحدها: أن لا يكون قبل الاجتهاد وحصول الظن حكم أصلا، بل يحدث الحكم حال حصول الظن به. وهذا هو الذي اشتهر عند الأصحاب من أنه محال لاستلزامه الدور أو الخلف.
واستلزامه للدور تارة بملاحظة توقف الحكم على موضوعه وتوقف الموضوع على حكمه وقد بينا في محله من أن الحكم بالإضافة إلى موضوعه من قبيل عوارض الماهية، لا من قبيل عوارض الوجود فلا تعدد في الوجود بين الموضوع، وحكمه، بل الحكم متقوم بموضوعه في مرتبة ثبوته، وثبوت الموضوع بثبوت الحكم في هذه المرحلة.