ثم إنه تبين مما ذكرنا: أن عدم النص والأظهر جزء موضوع المقتضي في مقام الاثبات، لا أنه مانع، فإنه غير معقول، كما عرفت، فليس تقديم النص أو الأظهر على الظاهر من باب تقديم أقوى الحجتين على أضعفهما.
كما أنه تبين أن عدم النص والأظهر ليس مقوما للمقتضي في مقام الثبوت، بل النص والأظهر مانع عن تأثير الظاهر.
وقد فصلنا القول فيه في مبحث الظواهر (1).
وعليه: فالنص أو الأظهر القطعي السند وارد على دليل اعتبار الظاهر، حيث أنه يرتفع به موضوعه المتقوم بنقيضه حقيقة.
والظني السند منهما حاكم على دليل اعتباره، لأنه رافع لجزء موضوعه تنزيلا لا الحكومة بمعنى الشرح والتفسير، حتى يقال بأنه لا يعقل الحكومة بالإضافة إلى الأدلة اللبية.
ولشيخنا العلامة الأنصاري - قدس سره - إن إعتبار الظاهر، إن كان لأجل أصالة عدم القرينة، فالنص مثلا وارد تارة، وحاكم أخرى. وإن كان لأجل إفادته للظن النوعي، فالنص مطلقا وارد (2).
والوجه في الأول: أن الأصل متقوم بالشك، فتارة يرتفع وجدانا وأخرى تنزيلا، فصح الورود على الأول والحكومة على الثاني.
والوجه في الثاني ما افاده: من أنا لم نجد، ولا نجد من أنفسنا موردا يقدم فيه العام - من حيث هو - على الخاص، وإن كان أضعف الظنون المعتبرة، فيعلم منه أن حجية الظاهر متقيدة بالأعم من العلم، والعلمي بخلافه.
وأورد عليه: تارة - بأنه لازم أعم للورود والحكومة، فلا يتعين الأول على الوجه الثاني، وأخرى - بأنه لا نجد من أنفسنا تقيد المقتضي للحجية بعدم الظن المعتبر على خلاف الظاهر، بل يقدم عليه من باب تقديم أقوى الحجتين على أضعفهما،