" 2 - دوران الأمر بين التخصيص والنسخ " قوله: ومنها ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ... الخ.
لا يخفى عليك أن تخصيص العام بالخاص مطلقا مشروط بورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام، لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ونسخ الحكم مشروط مطلقا بورود الناسخ بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ، لئلا يلزم كون شئ واحد في زمان واجدا للمصلحة، وفاقدا لها ولئلا يلزم جعل الداعي ورفعه معا في زمان يترقب فيه الدعوة إلى الفعل - كما بينا في محله (1) -. فيتمحض دوران الأمر بين الناسخية والمخصصية - في الصورة الأولى من الصورتين المذكورتين في المتن - حيث أن الخاص فرض تقدمه على العام، فهو صالح للمخصصية، لوروده قبل وقت العمل بالعام، والعام صالح للناسخية، حيث فرض وروده بعد حضور وقت العمل بالخاص، بخلاف الصور الثانية، لتقدم العام على الخاص، فالخاص إن كان واردا قبل حضور وقت العمل بالعام، فلا يصلح الا للمخصصية، دون الناسخية لفقد شرطها، وإن كان واردا بعد حضور وقت العمل بالعام، فلا يصلح بنفسه للمخصصية، لفقد شرطها.
فلا بد في تعقل الدوران في هذه الصورة من أحد أمرين:
الأول - كشف الخاص عن اقتران العام بما يوجب قصره عن بعض أفراده، أو ورود ما يوجب قصره عليه قبل حضور وقت العمل، فهو صالح للناسخية بنفسه، وصالح للكاشفية عن ورود المخصص قبل وقت العمل.
الثاني - أن يكون الخاص مخصصا للعام واقعا وموجبا لقصره على ما عدا الخاص، واقعا - لا فعلا - ويكون وروده بعد وقت العمل، لأجل عدم المصلحة في صيرورة التكليف الواقعي فعليا الا في زمان ورود الخاص، فان قبح تأخير البيان إنما يتوجه، إذا كان الغرض فعلا متعلقا بما عدا الخاص، لا الغرض الواقعي