بل الظاهر: أن اعتبار الوثوق والعدالة في المفتي أيضا من هذا القبيل فان ملاك الطريقية - وحجية الفتوى - علمه ومعرفت، كما يشهد له حكم العقلاء، برجوع الجاهل إلى العالم والوثوق والعدالة شرط الحجية الفتوى لا ملاك ومقتض لها.
الا أن الظاهر أن ملاك حجية الخبر - بناء على الطريقية - هو الوثوق بخبره ورجحان صدقه، فهو المقتضي للحجية في نظر العقلاء، فلا محالة يكون الأوثق أقوى ملاكا.
وكون الوثوق ورجحان الصدق بعض الملاك - لوجود خصوصية أخرى موجبة للتعبد به مع احتمال مخالفته للواقع - غير مناف، لما ذكرنا، إذ كون الأوثق مساويا لغيره - في تلك الخصوصية - لا ينافي كونه أقوى منه في رجحان الصدق، إذ لا يجب أن يكون الراجح أرجح من غيره في جميع الجهات، بل هو بقول مطلق أرجح إذا كانت له مزية لا تكون في غيره.
ومما ذكرنا تبين: أن النقض - بمثل البصر والكتابة - غير وارد، لأنهما شرط، وهو أجنبي عن المقتضي، ليلاحظ أقوى المقتضيين وأنه لأنقض في طرف المقتضي. ويشهد له حكم العقلاء - في مقام الرجوع إلى أهل الخبرة - بتقديم قول الأعلم في مقام التعارض، لان الملاك عمله وخبرته، وهو فيه أقوى. وعليه فلا عبرة بكل مزية، بل بمزية في نفس الملاك والمقتضي، وهو يختلف باختلاف المقامات. ففي الافتاء والقضاء العبرة بوفور علمه ومعرفته، دون غيره، وفي باب الاخبار بقوة وثاقته لا بمزيد فقاهته. فتدبر.
قوله: مضافا إلى ما في الاضراب من الحكم بالقبح.. الخ.
تحقيق المقام: أن الترجيح موضوعه الفعل الإرادي، وثبوت الإرادة فيه مفروغ عنه، والا لكان ترجحا بلا مرجح، وهو مساوق للمعلول بلا علة، وامتناع بديهي لا يختلف فيه أحد، ففي الموضوع الإرادي، قالوا بقبحه تارة، وبامتناعه أخرى.
بيانه: أن الأشاعرة بنوا على خلو أفعال الله تعالى التكوينية والتشريعية عن