حرمة شرب التتن المترتبة على ذات الشرب، لا على المحتمل.
فدليل التصديق في طرف الأمارة، يدل بالالتزام على الغاء مفاد الأصل، ولا يدل في طرف الأصل على إلغاء مفاد الأمارة، وحيث أنه دلالة التزامية لفظية، مأخوذة من اقتضاء نفس عنوان التصديق، المتقوم بعدم احتمال الخلاف، ولا منافي لها، فيؤخذ بها.
إلا أن التحقيق: أن هذا التقريب غير صحيح.
أما أولا: فلأن دليل اعتبار الأصل، وإن كان لا ينفي الحكم الذي أدت إليه الأمارة إلا أنه يثبت حكم موضوع نفسه، فدليل اعتبار الأمارة ينفي مفاد الأصل، ودليل اعتبار الأصل يثبت مفاده، وكفى بتنافيهما نفيا وإثباتا.
وبالجملة: مدلول الأصل بالمطابقة مناف لمدلول دليل الأمارة مطابقة والتزاما، وليس من شرط التعارض أن يطرد كل منهما الآخر بمدلوله اللفظي.
وأما ثانيا، فليس مفاد دليل الاعتبار إلا جعل الحكم المماثل لمؤدى الأمارة، لا إلغاء حكم الاحتمال، ولا إلغاء الحكم المحتمل، لا واقعا ولا ظاهرا.
وبالجملة: لا يتكفل دليل الاعتبار إلا ما يتكفله نفس الأمارة المعتبرة - سواء كان مفادها حكما واقعيا أو ظاهريا - لا أن مفاده جعل حكم مماثل، وجعل عدم ضده، أو نقيضه واقعا أو ظاهرا.
بل ربما لا يكون لاحتمال خلافه حكم، حتى يجب إلغاؤه كما في طرف الأصل، فإنه لا اثر شرعا، لاحتمال خلاف ما افاده الأصل، كما لا يخفى.
وأما ثالثا: فلان التصديق المأمور به، إذا كان تصديقا جنانيا - بأن تعلق الأمر باعتقاد صدقه، كناية عن العمل الذي هو لازم اعتقاد الصدق - لأمكن دعوى إلغاء احتمال الخلاف، فان اليقين بالصدق متقوم بعدم احتمال الخلاف، بل الأمر بالاعتقاد نهي عن الاحتمال مطلقا - موافقا كان أو مخالفا.
الا أن التصديق المأمور به هو التصديق العملي، وهو إظهار صدق المخبر بعمله، سواء كان التصديق العملي عنوان العمل، كما في النقض عملا والابقاء