نفسها - وحينئذ فكما أن الحكم العقل بحسن شئ أو قبحه - لغرض التأديب أو الاضرار - راجع إلى حسن التأديب بما هو تأديب، وقبح الاضرار بما هو إضرار، فكذلك إذا حكم الشارع بوجوب الصلاة لغرض الانتهاء عن الفحشاء، فهو مريد للناهي عن الفحشاء - بما هو كذلك - إذ لا يتعلق الشوق بشئ الا باعتبار ما فيه من الغرض الملائم للطبع، وفي حكم الشارع وارادته لا غرض الا المصلحة أو المفسدة، فهو مريد للغرض بالحقيقة.
ويندفع بما أشرنا إليه سابقا (1) من أن موضوعية شئ للبعث - مثلا - لا موقع لموضوعيته له حقيقة ودقة، الا وقوعه في حيز البعث، ولم يقع في حيز البعث حقيقة الا الصلاة مضافا إلى أن الاغراض الشرعية غالبا مجهولة.
ويستحيل توجيه البعث الذي هو عين جعل الداعي، والباعث إلى إرادة الفعل نحو المعنون بعنوان مجهول، بحيث يجب صدوره بعنوانه بالاختيار.
وكذلك في مقام الإرادة التشريعية، فان إرادة المعنون بعنوان قصدي مجهول من المكلف يستحيل انقداحها في نفس العاقل، فتوهم الفرق بين البعث والإرادة فاسدة.
وأما كفاية الموضوع العرفي - حتى في الاستصحاب الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي - فصحيحة في ما كان المانع (الشك في بقاء الموضوع) إذ ليس المراد من اعتبار نظر العرف اتباع نظرهم في تشخيص المفاهيم حتى يتوهم أن نظرهم من هذه الجهة أجنبي عن موضوع الحكم العقلي، كيف والموضوع العرفي في قبال الموضوع الدليلي - الذي ليس غير العرف مرجعا لتشخيص مفهومه - مع أنهم لا يقولون باختصاصه بما ثبت بالأدلة اللفظية، بل يقول من يقول به: