ظنه به كيف يظن به، فان فرض مثل هذا الحكم مع فرض الموضوع متنافيان.
الا أن يقال إن الموضوع هو الظن بالحكم اقتضاء، فان من يظن بالمقتضي فيظن بمقتضاه في مرتبة ذات المقتضي لا بوجوده الخاص في نظام الوجود والظن بهذا النحو من الثبوت متمم للعلة التامة لثبوت الحكم حقيقة، فلا منافاة بين الظن بالحكم والقطع بترتب الحكم على طبق المظنون. لكنه يؤل إلى أن المصلحة بوجودها المظنون علة تامة للحكم، وهو غير معقول لاستحالة انبعاث المعلول الا عن علة واقعية، لا تقديرية، فلا بد من فرض مصلحة أخرى في الفعل المظنون كونه ذا مصلحة.
هذا مع فرض لزوم محذور آخر - غير محذور التنافي المذكور - وهو أن الظن بالحكم معناه الظن بثبوت الحكم لذات المتعلق، فلا يكون مقصورا على طبق المظنون واما الظن بثبوت الحكم للمظنون بهذا الظن فغير معقول لاستحالة الظن بثبوت الحكم للموضوع المتقوم بالظن بثبوت الحكم له.
ثالثها: أن يكون هناك حكم واقعي يشترك فيه العالم والجاهل، الا أن الحكم الفعلي على طبق ما يودي إليه الاجتهاد فربما يتوافق الواقعي والفعلي وربما يتخالفان، فيكون التصويب في مرحلة الفعلية، لا في مرحلة الواقع.
وهذا المعنى من التصويب بلا محذور، ولا اجماع ولا دليل نقلي على خلافه، بل كما أفيد هو لازم القول بموضوعية الأمارات وسببيتها (1).
وتوضيح الكلام وتنقيح المرام يستدعي زيادة بسط في الكلام.
فنقول: وبالله الاعتصام: مسلك شيخنا قدس سره في هذا الموضوع من الكتاب كما في آخر مبحث الاجزاء (2) - طبقا لما في تعليقته الأنيقة (3) على الرسائل - أن الاحكام الواقعية أحكام انشائية، وان فعليتها منوطة بعدم المانع،