قبول اخبار الغير من غير دليل على المخبر به يصدق عليه التقليد عرفا، كما يدل عليه مورد هذا الخبر فراجع.
بل الحق أن مادة الفتوى - حتى بلسان الشرع - غير متقومة بالرأي والنظر المخصوص بالمجتهد كما في قوله تعالى ﴿ويستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾ (١) وقوله عليه السلام (إذا أفتيتك بشئ) (٢) بل لا تختص بالأحكام كما في قوله تعالى ﴿واستفتهم أهم أشد خلقا﴾ (٣) وقوله تعالى ﴿ولا تستفت فيهم منهم أحدا﴾ (4) فالافتاء ليس إلا اعطاء معلومه - حكما كان أو غيره - فيصح اطلاقه على الاخبار بالحكم حقيقة، لا من حيث شيوع الافتاء بنقل الخبر في الصدر الأول، كما قيل.
قوله: وهذا غير وجوب اظهار الحق... الخ.
لان الاظهار والظهور - كالايجاد والوجود - متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فلا يعقل ان يكون له اطلاق لصورة عدم العلم، لأن عدم الظهور لا ينفك، عن عدم الاظهار.
ومنه يعلم أنه لا موقع لدلالة الاقتضاء على وجوب القبول تعبدا، لان الواجب - وهو الاظهار - لا يتحقق إلا مع الظهور الذي لا يبقى معه مجال للقبول، تعبدا بخلاف اظهار الفتوى فإنه يلازم ظهور الفتوى المجامع مع عدم ظهور الواقع، فيبقى مجال التعبد بالقبول.
ومن الواضح أن الافتاء بمفهومه لا يقتضي إلا اظهار الفتوى، لا الواقع، ولم يتقيد وجوبه بغاية مخصوصة، - وهي اظهار الواقع به - حتى يكون بمنزلة ايجاب اظهار الواقع.